اكتشف أسرار الغلاف الجوي وتأثيراته الضوئية الجاذبة في رفحاء
شهدت سماء منطقة الحدود الشمالية ظاهرة فلكية بصرية لافتة تمثلت في ظهور ما يعرف بالعمود الضوئي، حيث رصد الأهالي والمهتمون بالظواهر الطبيعية عموداً ضوئياً رأسياً يمتد في الأفق بشكل مهيب، وقد أثارت هذه اللقطة البصرية إعجاب السكان الذين تابعوا امتداد النور في السماء الصافية، مما دفع المختصين في علوم الفلك لتوضيح المسببات العلمية وراء هذا المشهد النادر الذي تكرر في سماء المحافظة.
أوضح عضو نادي الفلك عدنان خليفة أن العمود الضوئي يعد من الظواهر البصرية الجوية التي تفتن الناظرين، حيث تظهر هذه الظاهرة الضوئية على هيئة عمود رأسي من الضوء يبرز بوضوح أعلى أو أسفل مصدره الأصلي، وينشأ هذا التأثير البصري نتيجة انعكاس الضوء على بلورات ثلجية دقيقة تكون عالقة في السحب أو في طبقات الهواء القريبة، مما يحول الضوء المشتت إلى حزمة رأسية منتظمة تخطف الأبصار.
لفت خليفة إلى أن مصدر هذا الضوء قد يكون طبيعياً نابعاً من أشعة الشمس المباشرة، ويحدث ذلك خاصة عند اقتراب قرص الشمس من خط الأفق في لحظات الشروق أو الغروب، حيث تسمى الظاهرة في هذه الحالة بظاهرة عمود الشمس التي تلون الأفق بألوان دافئة، كما يمكن أن يكون القمر هو المصدر الأساسي لهذا الانعكاس الضوئي في الليالي التي يكتمل فيها بدراً وتتوفر فيها الشروط المناخية المناسبة للتبلور.
أكد المختصون أن هذه الظاهرة لا تقتصر على المصادر الطبيعية فحسب بل تشمل المصادر البشرية أيضاً، إذ يمكن لإنارة الشوارع القوية والمصابيح الكاشفة في المدن أن تنتج هذه الأعمدة الضوئية تحت ظروف معينة، مما يمنح سماء المدن مشهداً بصرياً فريداً وجذاباً يمزج بين التطور الحضري والظواهر الفيزيائية المعقدة، وهو ما يفسر ظهور هذه التشكيلات فوق المناطق المأهولة بالسكان في الحدود الشمالية للمملكة.
تعتمد قوة ووضوح العمود الضوئي على زاوية سقوط الضوء وكثافة البلورات الثلجية العالقة في الغلاف الجوي، وتعتبر المناطق الشمالية من المملكة بيئة خصبة لرصد مثل هذه الظواهر نتيجة انخفاض درجات الحرارة وتوفر الرطوبة اللازمة لتكون الثلج الدقيق، ويسهم صفاء السماء في هذه المناطق في إبراز التفاصيل الدقيقة للعمود الضوئي، مما يسهل على المهتمين والمصورين التقاط صور احترافية توثق هذه اللحظات الزمنية العابرة.
تفاعل أهالي محافظة رفحاء والمدن المجاورة بشكل واسع مع هذه الظاهرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تم تداول صور تظهر العمود الضوئي وهو يشق عتمة الليل في مناظر وصفت بالبديعة، ويشير الباحثون إلى أن رصد هذه الظاهرة يعزز من الثقافة العلمية لدى المجتمع حول فيزياء الضوء وتطبيقاتها في الطبيعة، ويحفز النشء على تتبع الأخبار الفلكية والظواهر الجوية التي تميز بيئتهم الجغرافية الخاصة بمناطقهم.
تستمر منطقة الحدود الشمالية في جذب انتباه الفلكيين نظراً لموقعها الجغرافي الذي يسمح برؤية واضحة للأجرام السماوية والظواهر البصرية، وتعد ظاهرة العمود الضوئي إضافة للسجل الحافل من المشاهدات الفلكية التي تم توثيقها في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، ومع استمرار تقلبات الطقس الشتوية يتوقع الخبراء ظهور المزيد من هذه التشكيلات الضوئية، التي ترتبط دائماً بوجود جزيئات الثلج المجهرية التي تعمل كمرآة عاكسة للضوء الصاعد أو الهابط.
تساهم نوادي الفلك المحلية في نشر الوعي حول الفرق بين الظواهر الضوئية الجوية وبين الأجرام السماوية الحقيقية، وذلك لتفادي التفسيرات الخاطئة التي قد تنشأ عند رؤية مثل هذه الأضواء الغريبة في السماء، ويؤكد تقرير نادي الفلك أن العمود الضوئي ليس له جرم مادي، بل هو مجرد خداع بصري ناتج عن تفاعل الضوء مع المادة الصلبة العالقة، مما يجعله واحداً من أجمل التأثيرات التي يخرجها الغلاف الجوي السفلي للأرض.





