حوض الأمنيات الشهير يفرض قيوداً على عشاقه في قلب إيطاليا
أعلنت السلطات المحلية في مدينة روما حزمة من الإجراءات التنظيمية الجديدة، تهدف بشكل مباشر إلى ضبط الأعداد الغفيرة التي تتدفق يومياً نحو نافورة تريفي، حيث تسعى الإدارة من خلال هذه الخطوة إلى حماية الموروث العمراني، وضمان استدامة المواقع التاريخية في مواجهة التحديات التي تفرضها السياحة المفرطة والمتصاعدة.
وتبدأ المدينة فعلياً في تطبيق نظام الرسوم الرمزية للزوار الراغبين في النزول، حيث يتعين على السائح دفع مبلغ مالي محدد لولوج المنطقة القريبة من الحوض، وذلك اعتباراً من مطلع شهر فبراير لعام ألفين وستة وعشرين، مع بقاء الساحات العلوية المحيطة متاحة للمشاهدة المجانية للجميع دون استثناء.
ويتعين على الراغبين في ملامسة أطراف هذا المعلم العريق دفع تذكرة بقيمة يوروين، وهي القيمة التي حددتها الجهات المختصة كبدل رمزي مقابل الحصول على فرصة الوقوف، مما يمنح الزائر تجربة أكثر هدوءاً بعيداً عن صخب التجمعات البشرية، التي كانت تعيق الحركة في السابق وتؤثر على جمالية المشهد.
وتسعى روما من وراء هذا القرار إلى ترسيخ مفهوم السياحة المسؤولة والمستدامة، حيث أكد المسؤولون أن الغرض الأساسي لا يكمن في جني الأرباح المالية البحتة، بل في تقليل الكثافة السكانية في رقعة جغرافية ضيقة للغاية، ومنع بعض السلوكيات السلبية التي لا تليق بقدسية وأهمية المعالم التاريخية العالمية.
وتعتزم السلطات توجيه كافة الإيرادات المتوقعة من هذا النظام لدعم قطاع التراث، حيث من المتوقع أن تساهم هذه العوائد في تمويل عمليات الترميم الدورية والصيانة المستمرة، بالإضافة إلى تحسين الخدمات المقدمة للسياح في المنطقة المحيطة، لضمان بقاء النصب التذكاري في أبهى حله للأجيال القادمة.
وتشمل القواعد التنظيمية ساعات عمل محددة تبدأ من التاسعة صباحاً وتستمر، حتى التاسعة مساءً لتنظيم الدخول خلال فترات الذروة التي تشهد ازدحاماً غير مسبوق، بينما سيتاح للجميع الدخول المجاني خارج هذه الأوقات الرسمية، مما يوفر مرونة للزوار في اختيار التوقيت الذي يتناسب مع رغباتهم وميزانياتهم.
وتوفر العاصمة الإيطالية خيارات متعددة للحصول على تذاكر الدخول إلى المنطقة المحيطة، حيث يمكن للزوار الحجز عبر التطبيقات الذكية والمواقع الإلكترونية المعتمدة مسبقاً، كما ستتاح التذاكر عبر الفنادق والمكاتب السياحية المنتشرة، لتسهيل عملية التنظيم وتفادي وقوف السياح في طوابير انتظار طويلة ومتعبة.
ويستثني القرار الجديد سكان مدينة روما من دفع أي رسوم للدخول، حيث تمنحهم السلطات ميزة التواجد في معالم مدينتهم دون أعباء مادية إضافية، وذلك تقديراً لحقوقهم الأصيلة في مدينتهم التاريخية، وتأكيداً على أن الإجراء يستهدف بالدرجة الأولى تنظيم الحركة السياحية القادمة من خارج حدود العاصمة.
ويندرج هذا التوجه ضمن استراتيجية إيطالية شاملة لإعادة تنظيم المدن السياحية الكبرى، حيث سبق وأن طبقت السلطات نظاماً مماثلاً في مبنى البانثيون التاريخي الشهير، بالإضافة إلى فرض البندقية لضرائب دخول على الرحلات اليومية العابرة، في محاولة للحفاظ على الطابع العمراني والهوية الثقافية للمدن الإيطالية.
وتتطلع الإدارة المحلية من خلال هذه المنظومة إلى القضاء على الممارسات العشوائية، مثل تناول الأطعمة والمشروبات على مقربة من النحت الرخامي الفريد للنافورة، مما يساهم في الحفاظ على نظافة الموقع ورونقه البصري، ويقلل من الضغط البيئي الذي تسببه التجمعات الكبيرة في فترات زمنية قصيرة ومضغوطة.





