بكلفة تبلغ 63.2 مليار دولار.. كيف تخطط الدرعية لتحويل السياحة في السعودية؟
ربما تكون المملكة العربية السعودية قد بدأت رحلتها في قطاع السياحة للتّو، ولكنّها ازدهرت بشكلٍ كبير، لدرجة أنّ المملكة أصبحت تركّز جهودها على ما تشير إليه بـ”مشاريع عملاقة”، وهي عبارة عن تطوّرات تشكّل جزءًا رئيسيًا من خطة رؤية 2030 لإنشاء أنظمة بيئيّة اقتصاديّة جديدة، وتعزيز التنويع.
وتهدف المملكة إلى جذب 100 مليون زائر سنويًا قبل عام 2030، وليس ذلك هدفًا صغيرًا بالنّظر إلى أنّها لم تستقبل سياحها الأوائل الذين يحملون تأشيرة إلكترونية إلا في عام 2019.
وعند ضواحي العاصمة السعوديّة، الرياض، هناك مشروع ضخم آخر يهدف إلى جذب 27 مليون من أولئك الزوار إلى موقع تبلغ مساحته 14 كيلومترًا مربعًا، ومليء بالمعالم التاريخيّة، والثقافيّة.
وتُعد الدرعيّة حاضنة حي الطريف المدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وموقع الدّولة السعودية الأولى التي تأسّست في عام 1727.
وتم تكليف الرئيس التنفيذي لمجموعة هيئة تطوير بوابة الدرعية، جيري إنزيريلو، لتحقيق ذلك.
وبصفته خبير عمل في قطاع الضّيافة لخمسة عقود، يقود إنزيريلو، فريقًا يهدف إلى تطوير الدرعية كمشروع رائد لرؤية 2030، وتوفير تجارب ثقافيّة لا مثيل لها للزوّار، ودفع عجلة النّمو الاقتصادي للمملكة.
وأكّد إنزيريلو: “نحن ملتزمون بالحفاظ على تاريخ وثقافة المدينة والتّرويج لها، ونتطلع إلى التّرحيب بالزوّار من جميع أنحاء العالم ليشهدوا على جمالها ويكونوا جزءًا من الإرث الذي تمثّله”.
وتبلغ قيمة مشروع الدرعية 63.2 مليار دولار، وهو “من أكبر المشاريع وأكثرها تعقيدًا في العالم”، بحسب ما ذكره إنزيريلو.
وافتُتحت المراحل الأولى للمخطّط الرئيسي في نهاية عام 2022، وهي تشمل حي الطريف، مع صالات عرض، ومتاحف جديدة ترسم تاريخ الدرعية، إلى جانب بقايا أسوار المدينة، والقصور الملكيّة، والمساجد.
ولكن لا يقتصر المشروع على عددٍ من المطاعم والمتاحف فحسب.
وسيتم افتتاح حوالي 38 فندقًا ومنتجعًا جديدًا في الدرعية، بما في ذلك عقارات لعلامات تجارية شهيرة مثل “ريتز كارلتون”، و”بارك حياة”، و”رافلز”، إلى جانب 6 متاحف، و26 معلمًا ثقافيًا، وأكثر من 100 سوق.
وستغطي 6 حدائق بعشرات الآلاف من الأشجار مساحة تبلغ 2.6 كيلومتر مربّع، كما أنّها ستشمل مسارات للمشي، وركوب الدراجات، وركوب الخيل.
وستكون الفعاليات أيضًا من المحاور الرئيسيّة للوجهة.
وانطلقت نسخة عام 2022 لموسم الدرعية في أكتوبر/تشرين الأول، واستمرّت حتّى 22 من فبراير/شباط الجاري.
وتضمّن الموسم أحداثا مشوّقة مثل “سباق فورمولا إي الدرعية 2023 ” في يناير/كانون الثاني، وحفلات موسيقيّة لفنانين مثل جون ليجند، و”فرنش مونتانا”، ومارتن غاريكس.
ويتم حاليًا تحويل بساتين نخيل الدرعية بمساعدة تركيبات ضوئية غامرة لفنانين عالميين وسعوديين كجزء من جلسات “ليالي الدرعية”.
ويُعيد فريق مكوّن من 30 مرشدًا سعوديًا شابًا إحياء المواقع التراثيّة في حي الطريف.
ويقود الفريق الزوّار عبر صالات العرض، كما أنّهم يتطرّقون إلى مواضيع مثل الفروسية، والعمارة التقليدية، والعملات، والتجارة.
وقد يجد الزوّار أنفسهم يستكشفون الموقع بصحبة أحد أفراد الأسرة المالكة، إذ يشمل فريق المرشدين الأميرة الجوهرة عبد المحسن آل سعود البالغة من العمر 30 عامًا.
وأفادت الأميرة أن زيارة حي الطريف مع أسرتها شجعتها على المشاركة في صناعة السياحة المزدهرة في البلاد، مؤكدة: “كنت أعرف أنني أردت أن أكون جزءًا من (عملية) الحفاظ على هذا الكنز الثقافي ومشاركته”.
ويوجد أمل كبير في جذب الدرعية للزوّار المهتمين بالتراث الثقافي للمملكة، فضلًا عن اهتمامها بالمشاريع المستقبلية الطموحة.
ويثق إنزيريلو من أن الدرعية ستحقّق ذلك، إذ يؤمن بأنّها تقدم الكثير للسعوديين كما تفعل للزوّار، ما يمنح الجميع فرصة لفهم ثقافة المملكة العربية السعودية، وتاريخها، وتقاليدها.