الأسواق الشعبية في الباحة.. حكايات التراث وأيدٍ تحافظ على الهوية الثقافية
تعتبر الأسواق الشعبية في منطقة الباحة إحدى أهم المعالم الثقافية التي تجمع بين التاريخ والحاضر، حيث تشكل منابر ثقافية وتجارية لعرض المنتجات اليدوية والتراثية.
ومن أبرز هذه الأسواق، السوق النسائية الشعبية في محافظة العقيق، التي تُعد منصة حيوية للنساء اللائي يمارسن الحرف اليدوية التراثية ويعرضن المنتجات المحلية التي تنبض بروح الماضي.
أهمية الأسواق الشعبية في الحفاظ على التراث
يعد السوق النسائي في العقيق واحدًا من أرقى الأمثلة على حرص المرأة في الباحة على الحفاظ على الهوية الثقافية والتراث الشعبي، حيث تسعى النساء إلى الحفاظ على الحرف اليدوية التقليدية التي توارثنها عبر الأجيال، وتحويلها إلى منتجات تلامس الواقع المعاصر.
من خلال هذا السوق، تتاح الفرصة للنساء لعرض منتجاتهن في بيئة تتسم بالاحترافية، مما يساهم في إبراز مهاراتهن وتقديم منتجاتهن الفريدة إلى الزوار.
وتتنوع المنتجات المعروضة في السوق، بدءًا من السجاد المنسوج يدويًا إلى الحُلي المصنوع من الذهب والفضة، بالإضافة إلى التوابل المحلية والأكلات الشعبية التي تشتهر بها المنطقة.
كما تضم السوق نباتات الكادي والريحان، والعسل البلدي والسمن، وأيضًا مجموعة متنوعة من البخور التي تشتهر بها منطقة الباحة، ولا تقتصر المنتجات على الأطعمة والبهارات فقط، بل تشمل أيضًا الملابس التراثية والمشغولات اليدوية التي تبرز براعة الحرفيات.
السوق النسائية.. منبر اجتماعي وتعليمي
تعتبر السوق النسائية في العقيق أيضًا منصة اجتماعية مهمة حيث تلتقي النساء ويتبادلن الخبرات والمعلومات. وتُسهم هذه التجمعات في تعزيز روح التعاون والمشاركة بين الحرفيات، وخلق فرص عمل جديدة للنساء من خلال المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
كما توفر السوق بيئة ملائمة للتعلم والاكتشاف، إذ تساهم في نشر قيمة التراث بين الجيل الجديد بأسلوب مبتكر، حيث يُعرّف الأطفال والشباب على الحرف اليدوية التقليدية التي كانت جزءًا أساسيًا من حياتهم اليومية في الماضي.
أم عبد الله، إحدى الحرفيات في السوق، قالت في حديثها مع “واس”: “السوق ليست مجرد مكان لبيع المنتجات، بل هي مجتمع يلتقي فيه النساء للتفاعل وتبادل الأفكار، وهو ما ساعدنا على اكتشاف العديد من المواهب الجديدة. كما أن هذا السوق يعزز القيم الثقافية لدى الجميع، وخاصة الأطفال الذين يتعرفون على تاريخنا وتراثنا بأسلوب حي وواقعي.”
دعم الأسر المنتجة وتعزيز الأنشطة المجتمعية
في إطار دعم الأسر المنتجة، أكد أمين منطقة الباحة، الدكتور علي السواط، أن السوق النسائية الشعبية تمثل خطوة هامة نحو تعزيز دور المرأة في المجتمع وتحفيز المشاريع الصغيرة.
وقال السواط: “نحن نؤمن بأن دعم الأسواق الشعبية يعزز الأنشطة المجتمعية، ونحن فخورون بتوفير بيئة آمنة للنساء لعرض منتجاتهن. إن السوق تمثل نافذة تسويقية هامة لمنتجات الأسر المنتجة، وتساهم في خلق فرص عمل وتوفير دخل مستدام للأسر.”
وأشار السواط إلى أن السوق النسائية في العقيق تمتد على مساحة تزيد عن 4 آلاف متر مربع، وتضم 47 محلًا تجاريًا، بالإضافة إلى مرافق خدمية مثل المصلى ودورات المياه ومواقف السيارات، هذه التجهيزات تسهم في توفير تجربة تسوق مريحة وآمنة للزوار، بما يعزز من مكانة السوق كمركز تجاري وثقافي في المنطقة.
الختام: إرث مستدام
تعتبر الأسواق الشعبية في الباحة، وخاصة السوق النسائية في العقيق، نقطة التقاء حيوية بين الماضي والحاضر. فهي لا تمثل مجرد سوق لبيع وشراء المنتجات، بل هي تجربة ثقافية تعلم الأجيال الجديدة أهمية الحفاظ على التراث الوطني.
ومن خلال هذه المبادرات المجتمعية، تواصل النساء في الباحة دورهن الريادي في الحفاظ على التراث الشعبي، ليظل حافزًا للابتكار ويُسهم في تطوير الاقتصاد المحلي.