“الحنيذ”.. طبق تقليدي يعكس موروث عسير الغني في المطبخ السعودي
يعتبر “الحنيذ” من الأطباق التي لا غنى عنها في المائدة العسيرية، حيث يتربع على رأس قائمة الأطعمة التقليدية الشهيرة في منطقة عسير وجنوب المملكة بشكل عام، إنه طبق ذو تاريخ طويل ومكانة خاصة، إذ يُعد جزءًا من التراث الغذائي المتوارث عبر الأجيال، ويحتفظ بجاذبيته في مختلف المناسبات والضيافات العسيرية، ليظل رمزًا للكرم والحفاوة.
يتميز “الحنيذ” بتحضيرٍ تقليدي يُعطي اللحم نكهة فريدة، حيث يعتمد الطهي على طرق قديمة تتسم بالبطء لضمان طراوة اللحم واحتفاظه بكل نكهاته.
ويُعد هذا الطبق جزءًا أساسيًا في الولائم والاحتفالات، خاصة في منطقة عسير، حيث يُحضر في محافل الأعراس والمناسبات الكبيرة ليكون محط اهتمام وافتخار.
في محافظة محايل عسير، على وجه الخصوص، اشتهر هذا الطبق وأصبح جزءًا من العلامات التجارية المحلية التي تتنافس على تقديم الحنيذ بأعلى مستويات الجودة والخدمة.
يُقدم “الحنيذ” غالبًا مع مجموعة من الأطباق الجانبية المتنوعة مثل الأرز والعسل البلدي، مما يضيف لمسة غنية على المائدة ويزيد من لذتها، ويتناوله أهالي المنطقة وزوارها بشكل يومي، حيث يتم تناول الوجبة في مرحلتين: الأولى في الظهيرة كوجبة غداء، والثانية في المساء إذا كانت الحاجة تستدعي ذلك، يشتهر “الحنيذ” أيضًا بتقديمه في الولائم والاحتفالات الكبيرة كدليل على حسن الضيافة وكرم الاستقبال.
يبدأ تحضير “الحنيذ” بتجهيز اللحم، حيث يتم تجفيفه وتتبيله بعناية باستخدام مكونات خاصة. ثم يُحفر مكان لإشعال النار، وتُغطى النار بأغصان شجرة السلع الجافة، يتم بعدها وضع اللحم بين أغصان “المرخ” الجافة وتغطية الحفرة بإحكام لضمان توزيع الحرارة بشكل متساوٍ على اللحم. تُترك الحفرة لتنضج ببطء، مما يسمح للحم بأن يتشبع بالنكهة ويصبح طريًا ولذيذًا.
تعتبر الأدوات التقليدية جزءًا أساسيًا من عملية تحضير الحنيذ، حيث يتم استخدام الحفرة أو التنور، وتغطى بالأغصان الجافة التي تحفظ رطوبة اللحم وتضفي عليه طعمًا مميزًا.
يتم استخدام أنواع مختلفة من اللحوم لتحضير الحنيذ، سواء كان لحم الضأن أو الماعز أو الإبل، وكل نوع منها يحمل طعمه الخاص وفوائده الغذائية العالية، بما في ذلك البروتينات، الدهون المشبعة، الفيتامينات، والمعادن.
لا يُعتبر “الحنيذ” مجرد طبق غذائي في عسير، بل هو جزء من هوية المنطقة وثقافتها، ويمثل انعكاسًا لتراثها الغني والموروث عبر الأجيال.
تحرص الأسر في المناطق الجنوبية على نقل هذه العادة بين الأبناء، مما يجعل “الحنيذ” جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية وعاداتهم الاجتماعية، ويُحافظ عليه كإرث غذائي ثقافي مميز.