صناعة الخناجر في نجران.. إرث تراثي يروي قصة الأصالة والهوية
تُعتبر صناعة الخناجر في نجران من أبرز المهن الحرفية التي تعكس تاريخ المنطقة وتراثها العريق، منذ مئات السنين، أصبحت الخناجر جزءاً لا يتجزأ من هوية أهالي نجران، حيث يحرصون على اقتنائها والتزين بها في مختلف المناسبات الاجتماعية.
ولا تقتصر أهمية الخنجر النجراني على كونه أداة حادة، بل يعد رمزًا حضاريًا يعبر عن فخر المنطقة وارتباطها العميق بموروثها الثقافي.
الجنابي: رمز منقوش في ذاكرة الأجيال
تعتبر الجنابي واحدة من أهم الصناعات التقليدية في نجران، إذ تصنع هذه الخناجر من الحديد، مع مقبض مصنوع من قرون بعض الحيوانات الذي يتم تزيينه بقطع من الفضة أو الذهب، أما الغمد، فيصنع من الخشب المغطى بالجلد أو مزخرف بصفائح فضية ويثبت بحزام جلدي متين.
وتستمر صناعة هذه الخناجر كما كانت عبر العصور، حيث تتوارثها الأجيال، وتظل تحتفظ بجاذبيتها سواء من حيث التصميم أو الصنعة اليدوية الدقيقة.
في سوق الجنابي الواقع في حي أبا السعود التاريخي، يتحدث الحرفي عبدالله اليامي عن أهمية هذه الصناعة في نجران، ويؤكد أنها تمثل جزءًا من التراث الثقافي الذي لم يندثر رغم مرور الزمن.
وأوضح اليامي أن هناك أنواعًا عديدة من الجنابي، مثل “أم تسعة” أو “أم فصوص”، و”المشطف”، وكذلك “بالمكعب” و”الدرما”، حيث تتميز كل نوع بتفاصيله الفريدة التي تعكس تنوع ذوق الأهالي واهتمامهم بالحرف اليدوية.
تفاصيل دقيقة تبرز الجمال والتميز
كما أشار البائع محمد حسين إلى أن المقبض هو العنصر الذي يميز جودة الجنبية النجرانية، حيث يُعتبر نوع “الزراف” الذي يميل إلى اللون الأصفر والأحمر من أفضل الأنواع، بالإضافة إلى “القرن” الذي يعطي مظهراً خاصاً للخنجر.
تأتي بعد ذلك الزخارف والنقوش التي تزين الخنجر، مثل الطوق والصدور التي تُصنع من صفائح فضية أو ذهبية، والتي تمثل جزءًا من العمل الفني المتقن.
وتكتمل جماليات الخنجر بالقطاعة التي تصنع من الفضة المزخرفة، ويُغطَّى الجزء الخلفي للخنجر بالمخمل أو الصوف ليضيف لمسة من الفخامة.
الخنجر النجراني: أكثر من مجرد أداة
اليوم، يعد الخنجر النجراني أكثر من مجرد أداة لزينة أو للسوق، إنه جزء من التراث الذي يحافظ على الرابط الثقافي بين الأجيال، ويعكس التفاني في صناعته وفنه الذي لا يزال يُعطى اهتمامًا بالغًا في المنطقة، فبالإضافة إلى جماله، يحظى الخنجر بمكانة خاصة في قلب كل نجراني، ويعتبر رمزًا للفخر والاعتزاز بالعراقة.
تظل هذه الصناعة الحرفية تعيش في قلب نجران وتستمر في تقديم لمحات عن تاريخ المنطقة وثقافتها العميقة، مما يساهم في الحفاظ على الهوية الوطنية ويعزز السياحة الثقافية في نجران.