مقالات

“أبو كريم” المستثمر السياحي

في زيارتي الحالية إلى جمهورية قيرغيزستان تعرفت على شاب فلسطيني يعيش ويعمل في هذا البلد منذ عدة سنوات، ورغم تخصصه الأكاديمي في نظم المعلومات إلا أنه أصبح اليوم أحد المستثمرين العرب في القطاع السياحي الذي دخله عام 2016 تقريباً واستطاع بشغفه في السياحة أن يستقطب العديد من الوكالات السياحية في منطقة الخليج بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام رغم إمكانياته التسويقية والترويجية المتواضعة إلا أنه عرف كيف يلبي حاجة السواح في بلد جديد نوعاً ما على الخارطة السياحية إلا أنه يمتلك وفرة كبيرة من المواقع التي يفضلها السياح لا سيما الطبيعية منها.

أبو كريم عمل على مدى السنوات الماضية لأن يجعل عمله أكثر تخصصًا وبحث عن كل ما يحتاجه السواح العرب لما لهم من خصوصية خاصة، وبدء في البحث عن الفنادق التي يمكن أن تكون مناسبة للإقامة وأخذ يعمل على تطويرها مع الملاك إبتداء من توفير (الشطاف) في الحمامات وهو المعدوم من الوفرة في معظم فنادق دول شرق ووسط آسيا وكذلك أوروبا، وأدخل على بعض الفنادق الصغيرة تحسينات جعلتها أكثر راحة للمقيم مثل توفير المصاعد في مناطق سياحية معدودة الفنادق وبجودة جداً متواضعة لم يعهد السياح العرب تحديداً الإقامة فيها مع العلم بأنها مقبولة عند السائح المحلي الذي يقصدها في مواسم معينة من العام بسبب الأحوال الجوية والبحث عن دفء الطقس.

قيرغيزستان اليوم وبعد إلغاء التأشيرة على الخليجيين أصبحت وجهة سياحية، ودخلت على خط المنافسة مع جيرانها مثل أوزبكستان غرباً وكازخستان شمالًا والصين شرقاً وطاجيكستان جنوبًا. قيرغيزستان الواقعة في وسط آسيا الوسطى تحيط بها تضاريس جبلية طويلة وبدون سواحل بحرية وهي تمتلك ثاني أكبر بحيرة جبلية في العالم بطول 186 كلم وعرض 86 كلم وهي من المقاصد السياحية الجميلة التي أخذت في التطور مؤخراً بعد أن فتحت الحكومة مجال الاستثمار العمراني الخارجي للمشاركة في التنمية العمرانية بشكل عام والسياحية بشكل خاص والعمل على تحسين البنية التحتية بدل ماهي عليه الآن من حالة متواضعة جداً في بعض المناطق.

الاستثمار العربي لا يقل قدرة عن الاستثمار الغربي ويمكنه أن يكون شريكًا فاعلاً في المواقع التي تفتح له الطريق وتقدم له التسهيلات التي يحتاجها لتحقيق النجاح في المشاريع التي تدر بالخير على الوطن في المقام الأول والمواطنين والمقيمين بشكل مشترك مما يساهم في رفد الاقتصاد الوطني في الناتج المحلي وخلق فرص عمل جديدة تساهم في تقليل نسبة البطالة خاصة بين فئة الشباب الذين يمكنهم العمل في المرافق السياحية المتنوعة وتطويرها إلى المستويات التي يبحث عنها السياح من الخارج بعد أن كانت بمستويات محدودة الإمكانيات ومقبولة عند المواطنين لعدم وجود خيارات أخرى في البلاد.

بلا شك هناك الكثير مثل أبو كريم الذي كانت بداياته في افتتاح مطعم عربي صغير يلبي حاجة السياح العرب وإن كانت أعدادهم متواضعة ثم دخوله قطاع العقارات وبعده السياحة في بلد سجل في أوائل العقد الأول من القرن 21 متوسط عدد سياح لا يتجاوز 450 ألف فقط سنوياً، وفي خلال العام الماضي 2024 استقبلت البلاد أكثر من 8 مليون شخصاً وهو ما يمثل زيادة كبيرة في بلد مساحته حوالي 199.951 كيلومتراً مربعًا أي أكبر بحوالي 19 مرة من لبنان حيث المساحة وفيه حوالي 7 أنواع من السياحة العالمية مثل السياحة الجبلية والمغامرات – البيئة والإيكولوجية – والثقافية البدوية – الاستجمامية والاسترخاء والطبيعة – الدينية والتاريخية- الرياضة وسياحة طريق الحرير وكل من هذه الأنواع لها جمهورها الذي يبحث عن ما يلبي حاجياته عند زيارة البلد دون النظر لجنسية صاحب المشروع الاستثماري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى