حكايات من الماضي ترويها الأمهات في مهرجان الأطاولة الثامن
شهد مهرجان الأطاولة الثامن فعالية مميزة بعنوان “أعمال الأمهات قديمًا”، أعادت من خلالها مشاهد الحياة اليومية التي كانت تؤديها النساء في القرى السعودية قبل عقود، حيث خاض الزوار تجربة فريدة تفاعلية عبر عروض حية تجسد الأدوار الحيوية التي أدّتها الأمهات في خدمة أسرهن ومجتمعاتهن وسط بيئة تقليدية أصيلة تعكس روح الماضي.
انطلقت الفعالية بعروض عملية لمجموعة من الفتيات قدمن من خلالها مشاهد حية لأعمال النساء في الزمن الجميل، تضمنت إعداد الأطعمة بوسائل تقليدية، وغزل الصوف يدوياً، ونسج الحصر والسلال من سعف النخيل، إلى جانب استعراض عملية جمع الحطب التي كانت تمثل أحد أوجه الجهد اليومي الذي كانت تبذله المرأة في بيئتها الريفية، وسط حضور تفاعل بحرارة مع هذه المشاهد التي وثّقت تفاصيل دقيقة من الذاكرة الشعبية.
تميزت الفعالية بعرض مجموعة من الأدوات القديمة التي استخدمتها النساء في حياتهن اليومية، من أواني الطهو اليدوية إلى الأدوات البسيطة المستخدمة في الزراعة والحصاد، ما أتاح للجيل الجديد من الزوار فرصة ثمينة لفهم طبيعة الحياة في الماضي، وكيف كانت الأمهات يؤدين مهامًا مركبة بحس عالٍ من المسؤولية، في ظل غياب وسائل الراحة الحديثة.
أثارت العروض اهتمام الأطفال والشباب الذين حرصوا على التفاعل مع المشاهد وتوثيقها عبر التصوير، كما شكّلت فرصة للأسر لربط أبنائهم بتاريخهم الاجتماعي والثقافي، ومشاركة قصص الجدات وتجاربهن اليومية في حياة بسيطة، لكنها كانت عامرة بالقيم والإنتاجية والمثابرة.
تندرج هذه الفعالية ضمن أهداف مهرجان الأطاولة الثقافي، الذي يواصل في نسخته الثامنة تسليط الضوء على التراث المحلي بمنطقة الباحة، ويعمل على تقديمه بطريقة مبتكرة تضمن استدامته وانتقاله بسلاسة إلى الأجيال الجديدة، حيث تسعى الفعاليات المختلفة إلى ترسيخ الهوية الوطنية وتعزيز الوعي المجتمعي بتاريخ النساء في المجتمع السعودي، ودورهن المركزي في بناء الأسرة واستقرارها عبر أجيال.
ويأتي تنظيم هذه الفعالية في إطار دعم الجهود الوطنية الرامية إلى الحفاظ على عناصر التراث الثقافي غير المادي، وتحويله إلى مادة حية تتفاعل مع المجتمع، وتعزز من قيم الانتماء، خاصة في ظل التحولات الاجتماعية السريعة التي تعيشها المملكة.





