مدينة نزوى العمانية بين التاريخ العريق والدور الثقافي المتجدد
تعد مدينة نزوى من أبرز مدن سلطنة عمان، وهي كبرى مدن محافظة الداخلية، إذ تقع على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة مسقط، ويبلغ عدد سكانها قرابة 83 ألف نسمة، وتتميز بمكانتها التاريخية ودورها الحيوي في المشهد الثقافي والديني للبلاد، ما جعلها نقطة التقاء الماضي بالحاضر، ومركزاً يستقطب الاهتمام المحلي والإقليمي.
تحظى نزوى بتاريخ طويل كونها من أقدم مدن عمان، إذ ارتبط اسمها بالعصور المبكرة التي شهدت تحولات مهمة في هوية البلاد، فقد كانت عاصمة لعمان خلال القرنين السادس والسابع الميلادي، وهو ما أتاح لها أن تكون قلباً نابضاً بالحركة التجارية والفكرية، ومقراً للعلم والدين، حيث كان جامعها الكبير منارة علمية بارزة تجمع بين الفقه والأدب والعلوم.
ويكشف اسم نزوى عن دلالات لغوية تعود إلى الفعل انزوى، ويرتبط ذلك بموقعها الجغرافي الذي يتوسط طرقاً رئيسية تصل بين مسقط وسلسلة جبال الحجر، إضافة إلى اتصالها بالأجزاء الشمالية من السلطنة، مما جعلها معبراً رئيسياً للتجار والرحالة، ومركزاً للحركة البشرية التي ربطت بين مناطق مختلفة من عمان.
ومن أبرز معالم نزوى قلعتها الشهيرة التي تعرف أيضاً بالشهباء، والتي تعد من أقدم القلاع في البلاد، وتشهد بجدرانها وأبراجها الضخمة على عمق التاريخ العسكري والسياسي للمدينة، حيث كانت مركزاً للدفاع والإدارة، كما أنها اليوم تعد معلماً سياحياً بارزاً يقصده الزوار للتعرف على فنون العمارة العمانية التقليدية.
وتواصل نزوى دورها الحديث بوصفها مركزاً للثقافة والفكر، حيث تحتضن الفعاليات والأنشطة التي تبرز مكانتها كمدينة تجمع بين الأصالة والتجديد، إضافة إلى أنها تمثل نقطة جذب أكاديمي وتعليمي، نظراً لما تحتويه من مؤسسات ومراكز بحثية تعكس روحها العلمية المتجددة.
كما تظل المدينة شاهداً على التوازن بين التراث والحداثة، فبينما تحافظ على معالمها التاريخية وأسواقها التقليدية، تشهد في الوقت نفسه نمواً عمرانياً وخدماتياً يعكس مكانتها في خطط التنمية الوطنية، ويجعلها مدينة حيوية تسهم بفاعلية في الحراك الاجتماعي والاقتصادي للسلطنة.
إن نزوى بما تحمله من إرث حضاري عميق، وما تلعبه من أدوار متجددة، تقدم صورة واضحة عن الخصوصية العمانية، فهي مدينة تجمع بين العمق التاريخي والقدرة على الاستمرار في صنع الحاضر والمستقبل، وهو ما يجعلها محطة رئيسية لفهم هوية عمان ومسارها الحضاري.





