ما سرّ “رجم الهري” في الجولان؟ علماء الآثار في حيرة من أمرهم بعد اكتشافٍ غامضٍ لم يُحلّ بعد
يُعد موقع “رجم الهري” أحد أبرز المواقع الأثرية في الجولان السوري المحتل، ويتميز بأبعاد فلكية دقيقة لا تزال تثير تساؤلات العلماء حول هدف بنائه ووظيفته الحقيقية، فالجدران والبوابات تتماشى مع محور الأرض بالنسبة للشمس قبل نحو خمسة آلاف عام، ما يعكس مستوى فلكي متقدم لدرجة مثيرة للدهشة.
تعددت التفسيرات حول دور الموقع، فبعض الباحثين اعتبروه مركزًا احتفاليًا، فيما رجحه آخرون كسياج دفاعي أو مخزن كبير، كما اقترح آخرون أنه معابد ومقابر وأماكن لمراسم تقديم الأضاحي، أو مركز احتفال ديني للمنطقة بأكملها في ذلك الزمن، بالإضافة إلى اعتباره أداة للرصد الفلكي والتقويم، بما يعكس معرفة دقيقة بحركة الشمس والفصول.
تصنف الدراسات “رجم الهري” ضمن العصر البرونزي المبكر، أي حوالي 3200 قبل الميلاد، ما يجعله أحد أقدم المواقع الأثرية في العالم وأكثرها تعقيدًا، ويعكس وعيًا غير معتاد للبشر في ذلك العصر، نظرًا لحجم البناء ودقة محاوره، وهو ما يضعه ضمن المواقع التي تمثل لغزًا مفتوحًا لعلماء الآثار والفلك على حد سواء.
يزيد من غموض الموقع ضخامة البناء والدقة الهندسية فيه، فالجدران مشيدة بطريقة تعكس فهمًا متقدمًا للهندسة والاتجاهات الفلكية، وهو ما لم يكن متوقعًا في تلك الحقبة الزمنية، كما أن المدى الكبير لموقعه والبوابات المحاذية لمحاور الشمس يزيدان من التساؤل حول ما إذا كان يستخدم لمراسم طقسية أو رصد النجوم وتحديد المواسم الزراعية.
يبقى “رجم الهري” موقعًا أثريًا متميزًا لم يكتشف العلماء بعد الغرض الحقيقي منه بشكل كامل، فهو يجمع بين الأبعاد الدينية والاجتماعية والفلكية، ويستقطب اهتمام الباحثين الذين يحاولون فهم الثقافة والوعي لدى البشر قبل آلاف السنين، ويعتبر شاهدًا على مدى التقدم الذي وصل إليه الإنسان في تلك الحقبة من التاريخ، رغم محدودية الوسائل المتاحة له.





