ألمانيا تستيقظ على صيف سياحي يعيد النبض إلى فنادقها
شهدت ألمانيا خلال شهر أغسطس الماضي انتعاشًا سياحيًا واضحًا أعاد الأمل إلى قطاع الضيافة الذي عانى تراجعًا ملحوظًا في يوليو، حيث أظهرت البيانات الرسمية لمكتب الإحصاء الاتحادي في مدينة فيسبادن أن الفنادق ودور الضيافة سجلت ارتفاعًا في عدد ليالي المبيت إلى 59.4 مليون ليلة، بنسبة زيادة بلغت 0.7% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، ما يعكس بوادر تعافٍ تدريجي يعيد للقطاع حيويته بعد فترة من التباطؤ.
وجاءت هذه الأرقام لتؤكد قدرة السياحة الألمانية على تجاوز التقلبات الموسمية والضغوط الاقتصادية العالمية، إذ أشار التقرير إلى أن الأداء العام خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025 ظل مستقرًا نسبيًا، مسجلًا نحو 339.2 مليون ليلة مبيت، وهو رقم قريب من المستوى القياسي الذي تحقق في الفترة ذاتها من العام الماضي حين بلغت الليالي السياحية 339.4 مليون ليلة، ما يعزز الثقة بقدرة السوق الألمانية على المحافظة على مكانتها بين الوجهات الأوروبية الأكثر جذبًا للسياح.
وساهم تحسن الأوضاع الجوية خلال أغسطس وتزايد النشاطات الصيفية في المدن الكبرى مثل برلين وميونيخ وهامبورغ في جذب مزيد من الزوار المحليين والدوليين، خاصة مع تنامي الاهتمام بالسياحة الثقافية والمهرجانات الموسيقية والمناطق الريفية التي تقدم تجارب استجمام طبيعية، فيما كان لارتفاع جودة الخدمات الفندقية وتنوع الخيارات السكنية دور مهم في تعزيز الإقبال، رغم ارتفاع الأسعار الذي فرضته الظروف الاقتصادية الراهنة.
ويشمل الإحصاء الذي أصدره المكتب الاتحادي جميع أنواع مرافق الإيواء، بدءًا من الفنادق الفاخرة ودور الضيافة الصغيرة وصولًا إلى مواقع التخييم التي شهدت بدورها طلبًا متزايدًا من الأسر الأوروبية الباحثة عن رحلات منخفضة التكلفة، وقد عكست هذه البيانات ميل السياح إلى اعتماد أنماط سفر أكثر مرونة واقتصادًا دون المساس بجودة التجربة السياحية.
ويُعد هذا التحسّن مؤشّرًا إيجابيًا للقطاع السياحي الألماني الذي يعتمد عليه الاقتصاد المحلي في دعم النمو وتوفير فرص العمل، إذ يُسهم قطاع الضيافة بنحو كبير في الناتج المحلي الإجمالي عبر ملايين الزوار سنويًا، ومع استقرار حركة السفر الأوروبية، تتطلع الحكومة الألمانية والجهات المعنية إلى استمرار هذا المنحنى التصاعدي خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع قرب موسم أعياد نهاية العام الذي يشهد عادة ذروة الإقبال على الفنادق والأسواق الشتوية.
وبينما تبقى وتيرة الانتعاش متوسطة، إلا أن القطاع أظهر صلابة واضحة أمام التحديات، إذ تمكن من الحفاظ على أرقامه القريبة من المستويات القياسية، ما يشير إلى أن ألمانيا لا تزال تمتلك سحرها الخاص وقدرتها على استقطاب المسافرين بفضل تنوع مقاصدها، وغناها الثقافي، واستقرار بنيتها السياحية، لتؤكد مرة أخرى أن السياحة فيها ليست مجرد موسم عابر، بل نبض متجدد يعكس حيوية الاقتصاد وروح الضيافة الألمانية الأصيلة.





