وجهات سياحية

“حافة الحمد لله.. شريط الصخور الذي يختبر شجاعة متسلقي يوسمايت”

تُجسّد “حافة الحمد لله” في ولاية كاليفورنيا واحدة من أكثر نقاط التسلق رعبًا وإثارة في العالم، إذ تمتد على طول 35 قدمًا فقط، وبعرض لا يتجاوز في بعض أجزائها خمس بوصات، لتتحول إلى شريط ضيق يفصل بين الحياة والموت فوق ارتفاع شاهق يطل على وادي يوسمايت الشهير.

تقع هذه الحافة الصخرية على الواجهة الشمالية من “قبة نصف يوسمايت” في منتزه يوسمايت الوطني، وهو موقع يُعد من أقدس الأماكن في عالم التسلق الحر، حيث تُختبر فيه مهارة الإنسان أمام قوة الطبيعة وجلالها.

يتعين على المتسلقين الذين يواجهون هذا الجزء من المسار، المعروف باسم “الوجه الشمالي الغربي المنتظم”، أن يحافظوا على توازنهم الدقيق فوق سطح لا يكاد يسع باطن أقدامهم، فيما تمتد أسفلهم مسافة شاسعة من الفراغ الصخري الذي لا يرحم أي خطأ.

ورغم أن الحافة لا تبدو طويلة أو معقدة من الناحية التقنية، إلا أن ضيقها وانحدارها يجعلها إحدى أكثر النقاط إثارة للرعب في عالم التسلق، فهي اختبار حقيقي للأعصاب بقدر ما هي امتحان للقوة واللياقة.

اكتسبت هذه الحافة اسمها الغريب من المشاعر التي تنتاب المتسلقين عند عبورها، إذ يغمرهم شعور بالامتنان العميق لمجرد اجتيازها بسلام، وكأنهم يهمسون بكلمة “الحمد لله” لحظة الوقوف على الطرف الآخر منها، فهي ليست مجرد جزء من طريق صخري، بل تجربة روحية تعكس توازن الإنسان بين الخوف والإصرار، بين الهاوية والإيمان بالقدرة على المضي قدمًا رغم الرهبة التي تسكن المكان.

يمثل هذا المسار الذي يبلغ طوله الإجمالي أكثر من 2000 قدم أحد أشهر طرق التسلق في يوسمايت، وقد استغرق تحقيق أول صعود ناجح له عام 1958 أربعة أيام كاملة من الجهد المستمر من قبل فريق من المتسلقين الرواد.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت “حافة الحمد لله” رمزًا في ثقافة المغامرات، ووجهة يتطلع إليها عشاق التحدي من مختلف أنحاء العالم لاختبار حدود شجاعتهم. ورغم التقدم في معدات التسلق الحديثة، ما زال عبور الحافة يتطلب اتزانًا نفسيًا لا يقل أهمية عن القوة البدنية.

وتبقى الحافة شاهدًا على قدرة الطبيعة على الجمع بين الجمال والخطر، فهي بقدر ما تُرعب المتسلقين بارتفاعها المهيب، تبهرهم بجمال المنظر الذي يمتد أمامهم كلوحة خرافية من الصخور والغابات والسماء المفتوحة.

وبين كل من يعبرها، قصة تختلف في تفاصيلها لكنها تتفق في النهاية على مشهد واحد، حين يتنفس المتسلق الصعداء ويبتسم شاكرًا للحياة على منحه تلك اللحظة التي تمزج بين الخوف والامتنان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى