مطاعم

تجربة طعام فريدة تجمع بين التراث العالمي والنكهات الحجازية الأصيلة في جدة

تستقبل جدة التاريخية زوارها بأجواء تعود لقرون مضت بين الأزقة الضيقة والمنازل المبنية من الحجر، حيث يمتزج عبق الماضي المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي بنكهات الطعام التي لا تقاوم، ويجد السائح نفسه في رحلة تواصل ثقافي عميق تتجاوز مجرد تناول وجبة عادية، إذ يقدم حي البلد مزيجاً ساحراً من الأطباق الحجازية الأصيلة والمأكولات البحرية الطازجة التي تناسب كافة الأذواق العالمية.

تتزامن تجربة الطعام الفريدة مع انطلاق فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في ديسمبر الحالي، ويحرص رواد المهرجان على زيارة أشهر المطاعم والمقاهي التي تمنحهم فرصة تذوق التقاليد المحلية العريقة، وتبرز المشربيات الخشبية المزخرفة والهوية المعمارية الحجازية كإطار فني يحيط بجلسات الطعام الجماعية، مما يضفي شعوراً بالدفء وروح الجماعة التي ميزت الموائد السعودية عبر أجيال متعاقبة.

يزخر المطبخ الحجازي في منطقة البلد بأطباق فريدة يعشقها السكان المحليون والزوار على حد سواء، ويعد السليق الطبق الأكثر طلباً بفضل أرزه الكريمي المطهو بالحليب ومرق الدجاج المشوي اللذيذ، كما تبرز زلابية المنتو واليغمش المستوحاة من نكهات آسيا الوسطى كوجبات خفيفة متبلة ببراعة فائقة، وتكتمل الصيادية المحضرة من أسماك الهامور والبصل المكرمل لتروي قصة ارتباط المدينة بساحل البحر الأحمر الغني.

تعتبر القهوة السعودية والتمر رمزاً ثابتاً لحسن الضيافة لا تكتمل دونه أي تجربة طعام في المنطقة، ووصلت نكهات الهيل والزعفران والقرفة إلى موائد جدة عبر قرون طويلة من التجارة العالمية النشطة، ويجمع كل طبق يقدم في هذه المنازل المجددة بين النكهة ورواية القصص التاريخية المرتبطة بطرق البخور والتوابل، مما يجعل من تناول الطعام انغماساً ثقافياً كاملاً يربط الحاضر بجذور المملكة العربية السعودية الأصيلة.

يستمتع عشاق المأكولات البحرية في مطاعم البلد بأشهى صيد اليوم الذي يتم اختياره مباشرة من السوق، ويوفر مطعم أسماك البصلي والندى خيارات متنوعة من الروبيان والهريد المقلي والمشوي مع الأرز العطري المميز، بينما يقدم مطعم باعشن تجربة شعبية بسيطة تعتمد على الجلوس على الأرض وتناول الوجبات المشبعة، لتعكس هذه المطاعم التراث السعودي الغني في فن طهي الأسماك وتتبيلها بالبهارات المحلية الخاصة.

يعكس حي البلد تاريخ جدة التجاري مع جنوب آسيا من خلال تقديم أطباق الكاري الهندي الزاهية، وتنتشر في الباحات التراثية مطاعم الكباب التركي والمعكرونة الإيطالية التي تندمج مع المكونات السعودية بلمسات عصرية مبتكرة، مما يجعل تجربة الطعام مثالية لمحبي المغامرة والباحثين عن مأكولات مريحة في آن واحد، ويؤكد هذا التنوع العالمي انفتاح جدة التاريخية على الثقافات المختلفة منذ القدم وحتى يومنا هذا.

يشتهر مطعم باعيسى للرأس المندي في قلب المنطقة التاريخية بتقديم طبق رأس الخروف المحضر بطرق تقليدية، ويعد مطعم حمص عم جلال مؤسسة محلية عريقة تقدم وصفات الحمص الشامية بلمسة سعودية أصيلة وسحر الحنين للماضي، ويمكن للزوار الاستمتاع بطبق الفول المدمس مع فنجان من الشاي العطري الساخن في أجواء جذابة، حيث تلتقي الأصالة في الطبخ المنزلي مع فن الطهي المبدع الذي توارثته الأجيال.

يقصد هواة المشاوي مطعم ناجي الحربي لتذوق الكباب الساخن واللحوم المشوية التي تقدم مع السلطات المنعشة، بينما يفضل البعض إنهاء جولتهم في مقهى “ليالي تاريخية” الذي يطل من فوق أسطح المباني القديمة على مشهد الغروب، ويمنح احتساء القهوة السعودية في هذا الموقع المرتفع رؤية بانورامية للبلد وهي تنبض بالنشاط والحياة، لتبقى هذه اللحظات ذكرى خالدة تجمع بين جمال المكان وروعة المذاق في قلب جدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى