ماذا ينتظر المسافرين على متن قطار الشرق السريع هذا العام؟
دشن قطار الشرق السريع يوم الأربعاء أولى رحلاته السياحية للموسم الجديد، حيث انطلق من ولاية قارص الواقعة في أقصى الشرق التركي متوجهاً إلى العاصمة أنقرة، ويأتي هذا الافتتاح وسط ترقب كبير من المسافرين الراغبين في خوض تجربة استثنائية عبر السكك الحديدية، التي تمزج بين متعة السفر واستكشاف الطبيعة الخلابة في مختلف الأقاليم التركية التي يمر بها المسار الطويل.
يتكون هذا القطار السياحي من مقطورات مجهزة بالكامل لخدمة الركاب بنظام المبيت، بالإضافة إلى مقطورات مخصصة للمطاعم تقدم وجبات متنوعة طوال فترة الرحلة، ويوفر هذا التصميم وسيلة مريحة تتيح للمسافرين رؤية المدن التاريخية والمراكز الثقافية المهمة المنتشرة على طول الخط الحديدي، مما يجعل من الرحلة فرصة لا تتكرر للاطلاع على الإرث المعماري والحضاري للولايات التركية.
تستمر الرحلة بين قارص وأنقرة لمدة زمنية تصل إلى 32 ساعة تقريباً، يقطع خلالها القطار مسافة إجمالية تقدر بنحو 1300 كيلومتر وسط تضاريس متنوعة، ويمر المسار بخمس ولايات رئيسية تبدأ من قرق قلعة ثم قيصري وسيواس وأرزينجان وصولاً إلى أرضروم، ويسمح هذا التعدد في المحطات للركاب باكتشاف التنوع الجغرافي والمناخي الذي تمتاز به كل منطقة من هذه المناطق الخمس.
يعود تاريخ انطلاق أول رحلة سياحية لهذا القطار إلى التاسع والعشرين من مايو لعام 2019، ومنذ ذلك الحين أصبح وجهة مفضلة للسياح المحليين والأجانب على حد سواء، وتستند فكرة القطار إلى إحياء المسارات القديمة بأسلوب سياحي عصري يركز على جودة الخدمة، مع الحفاظ على الروح التقليدية للسفر بالقطارات التي تعبر المسافات الطويلة والمدن العريقة في قلب الأناضول.
تستمر رحلات هذا الموسم المنطلقة من ولاية قارص باتجاه العاصمة حتى الأول من مارس لعام 2026، بينما تستمر الرحلات العكسية من أنقرة إلى قارص حتى السابع والعشرين من فبراير للعام نفسه، وقد حددت الإدارة جدولاً زمنياً يتضمن تسيير ثلاث رحلات أسبوعياً في كل اتجاه، وذلك لتلبية الطلب المتزايد وضمان توفير مقاعد كافية للراغبين في توثيق لحظات الشتاء الساحرة.
يستهدف البرنامج السياحي للقطار تعزيز حركة الزوار في الولايات الشرقية والوسطى من البلاد، حيث تساهم فترات التوقف الطويلة في بعض المحطات في تنشيط الأسواق المحلية والمواقع الأثرية، ويشكل القطار حلقة وصل تجارية وسياحية تربط الشرق بالغرب، ويسهم في تعريف الأجيال الجديدة والقادمين من الخارج بجمال الطبيعة التركية وتعدد ثقافاتها المحلية التي تظهر بوضوح في كل مدينة.
تتكامل الخدمات داخل المقطورات لضمان خصوصية تامة للمسافرين في غرف المبيت، ويحرص الطاقم الفني والإداري على توفير بيئة آمنة وهادئة تناسب العائلات والمجموعات السياحية، ويعد هذا التوجه جزءاً من استراتيجية تطوير النقل السياحي التي تتبناها السلطات المعنية، لتحويل السكك الحديدية من مجرد وسيلة لنقل الركاب إلى تجربة ترفيهية متكاملة بحد ذاتها تنافس الوجهات العالمية.
يشهد الموسم الجديد إقبالاً كبيراً منذ اللحظات الأولى لفتح باب الحجز، حيث يفضل الكثيرون السفر في فصل الشتاء لمشاهدة الثلوج وهي تغطي الجبال والأودية التي يعبرها القطار، وتعكس هذه الرحلة الطويلة فلسفة السفر ببطء للاستمتاع بكل تفصيل من تفاصيل الطريق، بعيداً عن صخب الطيران السريع، مما يمنح الراكب فرصة للتأمل والتقاط الصور التذكارية لأجمل المشاهد الطبيعية والتاريخية.
تؤكد الإحصاءات الرسمية أن قطار الشرق السريع نجح في وضع ولاية قارص على خارطة السياحة العالمية، حيث باتت المدينة نقطة جذب رئيسية بفضل هذا الخط الحديدي التاريخي، ومع استمرار الرحلات خلال الأشهر القادمة، يتوقع الخبراء أن يسجل الموسم الحالي أرقاماً قياسية في عدد الركاب، خاصة مع توفر الخدمات اللوجستية المتطورة التي تضمن استمرارية الرحلات رغم الظروف المناخية الصعبة في فصل الشتاء.





