الأخبار

كيف أصبحت العلا مركزاً عالمياً لعلوم الفلك ورصد النجوم؟

أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا عن اعتماد محميتي شرعان ووادي نخلة رسمياً ضمن مواقع السماء المظلمة المعتمدة عالمياً، لتنضم هاتان المحميتان إلى قائمة تضم أكثر من 250 موقعاً حول العالم تتمتع بحماية فائقة من التلوث الضوئي، ويعكس هذا التتويج الدولي التزام المملكة بصون الكنوز الطبيعية وتطوير قطاعات سياحية وعلمية غير تقليدية في قلب التاريخ.

حصلت المحميتان على هذا الاعتماد الرفيع من الجمعية الدولية للسماء المظلمة بعد استيفاء معايير صارمة، ويأتي هذا الإنجاز ليعزز ريادة العلا بعد حصول موقع منارة العلا ومحمية الغراميل على تصنيفات مشابهة سابقاً، لتصبح هذه المواقع هي الأولى من نوعها في المملكة ودول الخليج، مما يفتح آفاقاً رحبة للسياحة الفلكية التي تعتمد على صفاء السماء الليلية.

يغطي الاعتماد الجديد مساحة إجمالية شاسعة تتجاوز 6.1 ألف كيلومتر مربع في خطوة جغرافية طموحة، وتهدف الهيئة من خلال هذا النطاق الواسع إلى توسيع دائرة الحماية البيئية للسماء الليلية في محافظة العلا، والحد من انتشار الأضواء الاصطناعية التي تعيق الرؤية الكونية، مما يساهم في خلق بيئة مثالية للبحث العلمي ومراقبة الأجرام السماوية بدقة عالية.

تعنى الجمعية الدولية للسماء المظلمة بالحد من التلوث الضوئي في المناطق الحضرية والريفية حول العالم، ويسهم حصول العلا على هذا الاعتراف في تعزيز الوعي بأهمية حماية الغلاف الجوي الليلي، كما يدعم توجهات الهيئة الملكية في تطوير السياحة المستدامة وتشجيع الاكتشافات البحثية، مما يحول المنطقة إلى مختبر طبيعي مفتوح لعلماء الفلك والهواة والمهتمين بعلوم الفضاء.

أطلقت الهيئة الملكية في وقت سابق مرصد منارة العلا ليكون وجهة متخصصة للاكتشافات العلمية المبتكرة، ويوفر هذا المرصد فرصاً اقتصادية مستدامة من خلال استقطاب الزوار والباحثين لترسيخ مكانة العلا كمركز معرفي دولي، ويشكل المرصد رافداً أساسياً يسهم في فهم أعمق للكون عبر تقنيات متطورة تندمج مع الطبيعة الصحراوية الفريدة والمناخ الصافي الذي تمتاز به المنطقة.

يعد الحفاظ على السماء المظلمة جزءاً أصيلاً من مستهدفات الهيئة في صون التراث الثقافي والبيئي المتنوع، وتوفر هذه البيئة المستدامة ملاذاً آمناً للحياة الفطرية التي تعتمد في دورتها الحيوية على الظلام الطبيعي، كما تتيح للزوار تجارب استثنائية لاستكشاف النجوم ورصدها بالعين المجردة، مستفيدين من غياب الملوثات البصرية التي تزدحم بها المدن الكبرى والمناطق الصناعية.

ينتظر أن يشكل مرصد منارة العلا معلماً علمياً جديداً يستقطب السائحين والعلماء من مختلف قارات العالم، ويقدم المرصد عروضاً تفاعلية تربط بين الاكتشافات الفلكية القديمة والعلوم الحديثة في إطار تعليمي مشوق، وتستهدف هذه المبادرات خلق بيئة تجمع بين البحث الأكاديمي والترفيه المعرفي، بما يضمن استدامة الموارد الطبيعية والاحتفاء بجمال السماء الليلية الخلابة.

تؤكد الهيئة الملكية لمحافظة العلا حرصها الدائم على حماية البيئة الفطرية وصون مواردها الحيوية الممتدة، وتسعى من خلال هذه الاعتمادات الدولية إلى ترسيخ مكانة العلا كوجهة رائدة في مجالات البحث العلمي المتقدم، وينسجم هذا التوجه مع رؤية العلا المتوافقة مع رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع القاعدة الاقتصادية وتعزيز الحضور السعودي في المحافل البيئية العالمية.

تساهم المشاريع الفلكية في العلا في خلق فرص عمل نوعية للشباب السعودي في مجالات الإرشاد السياحي الفلكي والبحث العلمي، ويؤدي صفاء السماء في محميتي شرعان ووادي نخلة إلى تحسين جودة الرصد الفلكي للمنظمات الدولية المتعاونة، لتظل العلا أيقونة تجمع بين حضارات الأرض وأسرار السماء، في تجربة واقعية تعيد صياغة علاقة الإنسان بالكون من حوله بأسلوب مستدام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى