أسرار المنازل الطينية التي تحاكي تفاصيل الحياة السعودية القديمة
تستقطب منطقة حائل عشاق الطبيعة والمغامرة ضمن برنامج شتاء السعودية لهذا العام، حيث تمنح عروس الشمال زوارها تجربة سياحية حية تربط بين سفوح الجبال ودفء المجالس، وتكشف الفعاليات المنوعة عن تنوع جغرافي وتراثي يمزج بين إرث إنساني ضارب في القدم وروح عصرية متجددة، مما يجعلها وجهة مثالية للباحثين عن السكينة وسط الصحاري المترامية والجبال الشاهقة.
تبرز مدينة جبّة الأثرية كواحدة من أهم المناطق التاريخية المسجلة عالمياً في قائمة اليونسكو، إذ تروي نقوش جبل أم سنمان حكايات الشعوب التي استوطنت المنطقة منذ آلاف السنين، وتعد هذه الوجهة نافذة عالمية لفهم حياة العرب القدامى وتأمل حضارتهم العريقة، التي لا تزال آثارها شاهدة على عبقرية الإنسان في التأقلم مع بيئته الجبلية والصحراوية.
يقصد السياح قصر حاتم الطائي في توارن لاستحضار تاريخ يجسد أسطورة الجود والكرم المرتبطة بالمنطقة، كما توفر الكهوف الأثرية فرصاً استثنائية للاستكشاف وتأمل النجوم والحياة البرية في أجواء من الهدوء، وتتكامل هذه التجربة بزيارة المنتزهات والمزارع التي تحولت إلى مراكز سياحية ورياضية متكاملة تخدم العائلات وهواة الرياضات النوعية والمغامرات الجوية.
تحولت مزرعة العزيزية في مدينة الخطة إلى مركز حيوي استضاف جولات من بطولات الدرفت العالمية، حيث تقدم المزرعة أنشطة متنوعة تشمل عروض الخيل والهجن ومغامرات الطيران الشراعي الممتعة، وتوفر المساحات الخضراء ومناطق التنزه خيارات ترفيهية واسعة تثري رحلة السائح، وتجعله قريباً من تفاصيل الحياة الريفية والرياضية في آن واحد وبأسلوب مبتكر.
يصور متحف حير السرور تفاصيل الحياة السعودية القديمة بدقة متناهية داخل منزل طيني تراثي، حيث يعيش الزوار تجربة استثنائية من خلال جلسات الضيافة الحائلية الأصيلة التي تعكس ثقافة المنطقة، ويساهم هذا المتحف في تقريب المسافات بين الأجيال عبر عرض المقتنيات والأدوات التي كانت تستخدم في الماضي، مما يضفي صبغة واقعية على السرد التاريخي.
يبرز موقع الأدهم بين الجبال كوجهة تجمع بين هدوء الطبيعة وجمال التجربة الثقافية في مساحات مفتوحة، حيث يقدّم الموقع برنامجاً متجدداً يتضمن فعالية قمرة التي تحتفي بأجواء السامري والعروض الموسيقية الشعبية، بالإضافة إلى عروض الفروسية التي تقام مطلع كل شهر ميلادي للاحتفاء بالأصالة العربية، وتكتمل الزيارة بالاسترخاء في المقاهي الموزعة وسط المناظر الخلابة.
اختتم وزير السياحة مسار الشمال بزيارة عدد من المواقع المميزة في حائل بعد جولة بدأت من الرياض، وتعكس هذه الزيارة الاهتمام المتزايد بتطوير الوجهات السياحية ضمن مسارات مدروسة بعناية فائقة، حيث تم الربط بين القصيم وحائل لإبراز التنوع الجغرافي والثقافي الذي تتمتع به المملكة، وتقديم منتجات سياحية مبتكرة تلبي تطلعات الزوار من داخل وخارج المملكة.
يتضمن برنامج شتاء السعودية أكثر من ألف ومائتي منتج سياحي وما يزيد عن ستمائة عرض خاص، ويشارك في هذا الزخم السياحي الضخم أكثر من مائة شريك من القطاع الخاص لتقديم تجارب نوعية، ويهدف هذا التعاون إلى تعزيز مكانة المملكة كوجهة عالمية رائدة، من خلال استغلال التنوع المناخي والتاريخي الذي يمنح كل منطقة هوية سياحية فريدة ومستقلة.
تؤكد فعاليات حائل هذا الشتاء أن السياحة في المملكة باتت صناعة متكاملة تعتمد على مكامن القوة الطبيعية، فالمزج بين التخييم في البر والمشي الجبلي في جبل أجا يعكس رؤية سياحية طموحة، حيث يتم استثمار كل زاوية جغرافية لخلق قصة نجاح جديدة تجذب المغامرين، وتمنح العائلات مساحة آمنة للاستمتاع بالأجواء الشتوية وسط منظومة من الخدمات المتطورة.
تظل حائل بأهلها وكرمها وتاريخها العريق القلب النابض للسياحة في شمال المملكة العربية السعودية، وتثبت من خلال “حيّ الشتاء” أن كنوزها التاريخية قادرة على الصمود وإبهار العالم في كل موسم، لتستمر الرحلة بين القصور القديمة والملاعب الرياضية الحديثة، وترسم لوحة فنية تجمع بين أصالة الماضي وتطلعات المستقبل في مشهد سياحي استثنائي لا ينسى.





