قصة القرية التي اشتهرت بمنجم الملح الطبيعي قديماً
تستقبل بحيرة العوشزية بمحافظة عنيزة أعداداً غفيرة من المتنزهين، الذين يشدون الرحال نحو هذا المعلم الطبيعي الفريد في المملكة، طمعاً في رصد لوحة جمالية شكلتها الأمطار الغيرة مؤخراً في قلب القصيم.
تجسد هذه البحيرة وجهة سياحية لافتة تجمع بين جمال التكوين، وبين المساحات الشاسعة التي تمتد لتغطي نحو خمسين كيلومتراً مربعاً، مما يجعلها مقصداً مثالياً للعائلات وعشاق التصوير الفوتوغرافي.
تستحضر الذاكرة التاريخية لبلدة العوشزية لقب قرية الملح الشهير، وهو الوصف الذي لازمها طويلاً لكونها تمثل منجماً للذهب الأبيض، حيث اعتمد عليها الأجداد في تأمين احتياجاتهم من الملح الطبيعي.
تستوقف روايات الرحالة القدامى مثل الريحاني وفلبي زوار المنطقة، إذ وثقوا في كتاباتهم أساليب استخراج الملح من مياه البحيرة، وكيف ازدهر هذا النشاط الاقتصادي والبيئي عبر حقب زمنية متلاحقة.
تتنوع التضاريس الجغرافية في منطقة القصيم بشكل يثير الدهشة، حيث تدمج بين الرمال الذهبية والصحاري المترامية وبين المسطحات المائية، وهو ما يمنح الزائر تجربة سياحية تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
تكتسي المنطقة بروح عصرية متجددة تجذب الباحثين عن الهدوء، وتوفر خيارات متعددة لعشاق الرحلات البرية والتخييم تحت ضوء النجوم، في ظل الأجواء الطبيعية التي خلفتها الحالة المطرية الأخيرة بالمنطقة.
تساهم الخصائص البيئية الفريدة لبحيرة العوشزية في تعزيز مكانتها، حيث تحولت بفعل عوامل الطبيعة إلى وجهة سياحية وطنية رائدة، تستقطب الشباب والباحثين عن ممارسة الأنشطة البرية في أجواء هادئة.
تؤكد المشاهد الحية من موقع البحيرة مدى التلاحم مع الطبيعة، إذ يحرص الزوار على توثيق رحلة المياه وانعكاسات الضوء على الملح، وهو ما يعيد إحياء موروث قديم ارتبط بحياة الآباء والأجداد.
تنبض عنيزة بالحياة مع كل قطرة مطر تسقط على أرضها، فتمتلئ البحيرات وتتحول الصحراء إلى مرافق سياحية مفتوحة للجميع، مما يعزز من التنوع الثقافي والتراثي الذي تشتهر به المنطقة تاريخياً.
تستعرض البحيرة في كل موسم قدرتها على إبهار الزوار والرحالة، فهي لا تزال تحتفظ بأسرار استخراج الذهب الأبيض الطبيعي، وتقدم نموذجاً حياً لكيفية استثمار الموارد الطبيعية في قلب البيئة الصحراوية.
تستمر التوقعات بتدفق المزيد من الزوار نحو المعالم المائية بالقصيم، حيث تظل العوشزية العنوان الأبرز لمن يبحث عن سحر الطبيعة، وتاريخ الملح الذي لا يزال حاضراً في ذاكرة المكان والناس.





