سوشيال ميديا

أسباب اختفاء الألوان الخضراء والحمراء من خلفية الفضاء مؤخراً

كشفت الجمعية الفلكية بجدة عن الأسباب العلمية التي تجعل سماء فصل الشتاء تبدو أكثر زرقة وصفاءً مقارنة ببقية فصول السنة، حيث أكدت أن هذه الظاهرة ترتبط بشكل مباشر بطريقة تفاعل ضوء الشمس مع مكونات الغلاف الجوي للأرض.

يؤكد المهندس ماجد أبو زاهرة رئيس الجمعية أن الضوء القادم من الشمس يتعرض لعملية تناثر عند مروره عبر جزيئات الهواء المختلفة، وتحديداً عنصري الأكسجين والنيتروجين، وهي العملية الفيزيائية التي يطلق عليها العلماء والباحثون اسم تشتت رايلي.

يزداد هذا التناثر الضوئي كلما قل الطول الموجي للضوء المار عبر الغلاف الجوي، ولهذا السبب يتناثر الضوء الأزرق ذو الموجة القصيرة بمعدل أكبر بكثير من الضوء الأحمر ذو الموجة الطويلة، مما يمنح السماء لونها المميز خلال ساعات النهار الصافية.

يتخذ مسار الشمس في السماء وضعية منخفضة خلال فصل الشتاء نتيجة ميل محور الأرض، وهو ما يؤدي بالتبعية إلى زيادة طول المسافة التي يقطعها ضوء الشمس عبر طبقات الغلاف الجوي، مما يعزز من وضوح تناثر الضوء الأزرق في الأفق.

يساهم هذا المسار المنخفض في تقليل تأثير ضوء الشمس غير المباشر الناتج عن اللونين الأحمر والأخضر، الأمر الذي يجعل خلفية السماء تبدو أكثر نقاءً، ويسمح للعين البشرية برصد درجات عميقة من اللون الأزرق الصافي الذي يميز الأيام الباردة.

تلعب الرطوبة الجوية دوراً حاسماً في هذه الظاهرة الجمالية، حيث تقل نسب الرطوبة في الشتاء بسبب برودة الهواء، مما يؤدي إلى انخفاض كميات قطرات الماء وبخار الماء العالقة في الجو، والتي تعمل عادة على تشتيت الضوء بشكل عشوائي.

تجتمع عدة عوامل طبيعية في هذا الموسم لتخلق مشهداً سماوياً رائعاً، منها تبخر الرطوبة الزائدة وانخفاض تناثر الضوء غير المباشر المعروف بتناثر المي، بالإضافة إلى زيادة فاعلية تشتت رايلي الناتجة عن انخفاض زاوية سقوط أشعة الشمس.

يشير الخبراء إلى أن صفاء الهواء في الشتاء يقلل من العوائق البصرية أمام الضوء المنكسر، مما يجعلنا نشهد سماءً فائقة الزرقة، لا سيما في المناطق المعتدلة التي تقع بين خطي عرض ثلاثين وستين درجة في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي.

تظهر هذه اللوحة الطبيعية بوضوح أكبر عند الابتعاد عن مصادر تلوث الهواء والغبار العالق، حيث تصبح الجزيئات الغازية هي المسيطر الوحيد على عملية تشتيت الضوء، مما يمنح سكان تلك المناطق فرصة لرصد أصفى درجات السماء الشتوية.

توضح الدراسات الفلكية أن اقتران انخفاض الشمس مع برودة الهواء الجاف يخلق بيئة بصرية مثالية، حيث تختفي الضبابية التي تسببها الحرارة العالية في الصيف، لتفسح المجال أمام انعكاسات ضوئية تجعل القبة السماوية تبدو أكثر عمقاً وصفاءً.

تستمر هذه الظاهرة طوال أشهر الشتاء طالما ظلت الأجواء خالية من السحب الكثيفة، وهي تمثل فرصة لهواة الفلك والمصورين لتوثيق جمال الطبيعة، وفهم الكيفية التي يعالج بها غلافنا الجوي أشعة الشمس لإنتاج هذا اللون الأزرق الأخاذ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى