تفاصيل اللوحة الطبيعية التي رسمتها الأمطار في قلب المملكة
تستقطب بحيرة العوشزية بمحافظة عنيزة أعداداً غفيرة من المتنزهين والزوار، الذين يبحثون عن جمال الطبيعة البكر والأجواء الساحرة في قلب المملكة، حيث تمتاز هذه المنطقة بخصائص بيئية فريدة ومساحات شاسعة من الجمال الطبيعي.
تتحول المساحات الممتدة بعد هطول الأمطار إلى لوحة فنية بديعة، مما جعلها المقصد المفضل لعشاق التصوير الضوئي والراغبين في توثيق اللحظات، وتعد البحيرة وجهة مثالية للعائلات والشباب نظراً لمساحتها التي تصل لنحو خمسين كيلومتراً مربعاً.
تجمع البحيرة مياهها من ثلاثة أودية رئيسية تصب في حوضها الواسع، وتصنف بأنها من أشهر البحيرات في المنطقة وأكبر تجمع مائي في الجزيرة العربية، وهي المعلم السياحي الذي تتفرد به قرية العوشزية عن غيرها من المناطق.
اشتهرت البلدة قديماً بلقب قرية الملح أو منجم الذهب الأبيض، وورد ذكرها في روايات كبار الرحالة مثل الريحاني وفلبي الذين دونوا تاريخها، ووثقوا كيفية استخراج الملح الطبيعي واهتمام الآباء والأجداد بهذه الحرفة التقليدية القديمة.
تجسد منطقة القصيم بتنوعها الطبيعي والجغرافي روحاً عصرية متجددة، حيث تستهوي الباحثين عن الهدوء والسكينة بين أحضان الرمال الذهبية والصحاري المترامية، مما يجعلها الخيار الأول لعشاق التخييم والرحلات البرية في فصل الشتاء.
تقع قرية العوشزية في الجهة الشرقية من محافظة عنيزة، وتبعد عنها مسافة تقدر بنحو عشرين كيلومتراً تقريباً وتتوسط ثلاث محافظات رئيسية، وهي عنيزة والمذنب والشماسية مما يسهل وصول الزوار إليها من مختلف الاتجاهات.
يستحضر الكتاب والرحالة ملح هذه البحيرة في ذاكرتهم التاريخية، حيث وصف أمين الريحاني في كتابه ملوك العرب جودة الملح المستخرج، وأشار إلى سماكة الطبقات الملحية التي تزداد صفاءً كلما اقترب الإنسان من وسط قاع البحيرة.
تبدو صفائح الملح في قلب البحيرة كقطع فنية يتخللها القليل من التراب، بينما يصفو اللون الأبيض الناصع في الأعماق ليصبح نقياً وخالياً من الشوائب، وهو ما جعلها مركزاً اقتصادياً وتاريخياً مهماً في مسيرة ازدهار إنتاج الملح.
تعكس البحيرة اليوم تمازجاً فريداً بين التراث الثقافي والوجهة السياحية، وتستمر في جذب السياح من داخل وخارج المملكة بفضل طبيعتها الخلابة، التي تمنح الزائر تجربة بصرية وروحية لا تتكرر في أي مكان آخر بالمنطقة.
تساهم هذه المقومات الطبيعية في تعزيز مكانة عنيزة على خارطة السياحة، وتدعم رؤية التنوع البيئي الذي تذخر به المملكة في مناطقها المختلفة، لتظل العوشزية رمزاً للمكان الذي يعانق فيه الماء رمال الصحراء الذهبية بكل شموخ.





