وجهات سياحية

في إسطنبول.. كيف يتنقّل سكان المدينة بين ضفّتَيْ القارتين الأوروبية والآسيوية؟

 

يعكس مضيق البوسفور بضفافه المنحدرة المزيّنة بالقصور الأنيقة، والحدائق، والبساتين التي يعود تاريخها إلى قرون، مدينة إسطنبول.

ويمتد المضيق البالغ طوله 30 كيلومترًا من البحر الأسود في الشمال، إلى بحر مرمرة في الجنوب.

ويغطّي الزّحف الحضري أوروبا في الغرب، وآسيا من الشّرق، وانبثق عن هذه الحقائق الجغرافيّة الوصف الرومانسي لإسطنبول أنّها مدينة تمتدّ بين قارّتين.

وذلك صحيح من النّاحية التقنيّة، لكن مضيق البوسفور لا يُعد الممر المائي الوحيد في المدينة.

وقبل التقائه ببحر مرمرة، يتفرّع القرن الذهبي في الجانب الشمالي الغربي، ويتلاشى في النهاية داخل اليابسة، بخلاف بحر مرمرة الذي يُفضي إلى بحر “إيجة” عبر مضيق الدردنيل.

ويمكن رؤية النّاقلات وسُفُن الحاويات على امتداد الأفق بالقرب من جزر “الأميرات” ليل نهار، فهي تنتظر دورها بصبر لعبور طريق الشحن.

وبطريقةٍ مماثلة، ينتظر سكّان إسطنبول أيضًا داخل السّيارات، والحافلات، والقطارات، والعبّارات.
ووفقًا لأرقام تعود لعام 2021، يعيش حوالي 16 مليون شخص في إسطنبول، مع مكوث الكثير منهم في جانب واحد من المدينة، وعملهم في الجانب الآخر. يعني ذلك تنقّل عدد هائل من السكان يوميًا.

ويمكن أن يكون التنقّل بين المسارات المتشابكة للمدينة أمرًا فوضويًا، وقد يصعب تخيّل وصول الأشخاص لوجهاتهم، لكنهم ينجحون في ذلك عبر استغلال الطّرق، والسكك الحديدية، والسّفن، والجسور، والأنفاق للعبور من قارّة إلى أخرى.

وإليك كيفيّة القيام بذلك:

جسر “شهداء 15 يوليو/تمّوز”


كان الجسر يُدعى “Boğaziçi Köprüsü” أساسًا، أو جسر البوسفور، لكن أُعيدت تسمية الهيكل الأنيق إلى جسر “شهداء 15 يوليو/تمّوز” بعد محاولة انقلاب فاشلة عام 2016.
لكن لا يزال السّكان المحلّيون يشيرون إليه بجسر البوسفور، أو الجسر الأول باعتزاز.

وقبل افتتاحه في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1973، في الذّكرى الـ50 على تأسيس الجمهوريّة التركيّة، كان ركوب العبّارة الطريقة الوحيدة للعبور من أوروبا إلى آسيا في إسطنبول.

وسمح الجسر الفولاذي الجديد، الذي يبلغ ارتفاعه 1،560 مترًا، للسّائقين بالمرور فوق مياه مضيق البوسفور، والاستمتاع بمناظر ساحرة في الوقت عينه.

جسر “السّلطان محمّد الفاتح”


افتتُح الجسر الثاني الرّابط بين القارتين في 3 يوليو/تموز عام 1988، وسُمي تيمنًا بالسّلطان محمّد الفاتح، مؤسّس الحكم العثماني في القسطنطينيّة.
ويمتد الجسر فوق أضيق نقطة في مضيق البوسفور، حيث قيل إن الملك الفارسي داريوس الأول بنى جسرًا عائمًا عام 512 قبل الميلاد.
جسر “السلطان ياووز سليم” (سليم الأول)

عام 2016، افتُتح جسر معلّق ثالث بالقرب من البحر الأسود، وسُمّي تيمنًا بالسلطان ياووز سليم، حفيد محمد الفاتح، وهو خَيار مناسب نظرًا لاهتمامه بالنقل.
وكان السّلطان أعاد بناء الأسطول العثماني في القرن الـ16، وأحواض بناء السّفن في القرن الذهبي.

وحطّم الجسر العديد من الأرقام القياسيّة عند إكتماله لكونه أعرض جسر معلّق في العالم، كما أنّه خامس أطول جسر في العالم بفضل ارتفاعه البالغ 322 مترًا.

جسر “جناق قلعة 1915”
يُعد جسر “جناق قلعة 1915” المُثير للإعجاب أحدث مسار يمتدّ بين ضفاف القارّتين، الذي حقق الرّقم القياسي العالمي لأطول جسر معلّق.

وافتُتح الجسر في 18 مارس/آذار 2022، إحياءً لذكرى يوم انتصار تركيا على الحلفاء بمعركة للسّيطرة على هذا الممر المائي الهام، عام 1915.

نفق “أوراسيا”


بالنّسبة لمحبّي الهندسة، يُعتبر الجزء البالغ طوله 5.3 كيلومترات تحت المياه من نفق “أوراسيا” ميزة جاذبة كبيرة، لكن أبرز ما يميّزه هو كونه أسرع وسيلة للتنقّل من جانب واحد من إسطنبول، إلى الآخر.

وعند اكتماله في ديسمبر/كانون الأول من عام 2016، قلّل النفق وقت السّفر من مئة دقيقة إلى 15 دقيقة فقط.

مرمرة
استغرق تحقيق هذه الخدمة للقطارات العابرة للقارّات تحت الأرض وقتًا طويلاً.
وفي عام 1860، جاء السلطان عبد المجيد الأول بفكرة إنشاء مسار تحت البحر بالمضيق، لكنّه توفّي قبل أن يتمكن من فعل شيء حيال ذلك.

وأبدى سلطان آخر يُدعى عبد الحميد الثاني اهتمامه باقتراح مهندسين فرنسيّين هذا المشروع عليه عام 1892، لكن المشروع لم يحظَ بدعم.

وظهر الاهتمام مجددًا بعد مرور أكثر من مئة عام، وبدأت أعمال بناء النّفق البالغ طوله 13.6 كيلومترًا في 2004، لكن لم تُطلق خدمة السّكك الحديديّة حتّى عام 2013.

واستمر تأجيل المواعيد النهائيّة عندما كشف كل متر تم حفره تقريبًا عن اكتشافات أثريّة عاد تاريخ بعضها إلى 8 آلاف عام.

ومرّت 6 أعوام أخرى قبل أن تصبح جميع المحطّات على طول الخط جاهزة للاستخدام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى