-- سلايدر --وجهات سياحية

متاحف جدة.. محطات تاريخية تسرد ماضي المدينة العريق

تزخر جدة بتاريخ طويل يمتد عبر العصور، وتحكي متاحفها قصة هذه المدينة الساحلية التي كانت بوابة الجزيرة العربية للعالم.

تمثل المتاحف نوافذ مفتوحة على الماضي، حيث يجد الزائر نفسه في رحلة زمنية تعيد إحياء التراث بكل تفاصيله، من فنون العمارة التقليدية إلى المقتنيات الأثرية التي تعكس نمط الحياة القديم. تحتضن جدة عددًا من المتاحف التي تجذب المهتمين بالتاريخ والثقافة، مقدمة تجربة فريدة تجمع بين الأصالة والحداثة.

يعد متحف قصر خزام، أو ما يُعرف بـ “متحف جدة الإقليمي”، أحد أبرز المعالم التاريخية في المدينة، حيث بُني عام 1347هـ ليكون مقرًا للملك عبدالعزيز، ويضم مقتنياته الشخصية، مثل النظارات، والعقال، والساعات، والتحف النادرة.

كما شهد القصر لحظات تاريخية هامة، أبرزها توقيع اتفاقية الامتياز للتنقيب عن البترول عام 1933م، مما جعله شاهدًا على تحول المملكة نحو العصر الصناعي.

أما بيت نصيف الأثري، الواقع في قلب جدة التاريخية، فيُجسد روعة الفن المعماري الحجازي التقليدي. بُني بين عامي 1289هـ و1298هـ، وكان مقرًا لاستضافة الملك عبدالعزيز عند دخوله جدة عام 1925م.

يتميز البيت بسقفه الخشبي المزخرف ونوافذه المشربية، كما تقف أمامه شجرة النيم، التي تُعد أول شجرة زُرعت في جدة منذ عام 1947م، ما يضفي عليه طابعًا مميزًا يجذب الزوار والمصورين.

في الجهة الأخرى من المدينة، يقع متحف دار صفية بن زقر، الذي يعرض أعمال الفنانة التشكيلية صفية بنت زقر، ويعكس من خلال لوحاته التراث السعودي، متناولًا العادات والتقاليد بأسلوب بصري إبداعي.

يضم المتحف ثمانية أجنحة، تروي كل منها جانبًا مختلفًا من الثقافة المحلية، ويُعتبر وجهة لمحبي الفنون والمهتمين بالتاريخ السعودي.

أما مدينة الطيبات للعلوم والمعرفة، فتُعد صرحًا ثقافيًا متكاملًا، إذ تمتد على مساحة 10 آلاف متر مربع، وتضم 12 مبنى تحتوي على متاحف ومعارض مختلفة، تعرض حضارات العالم الإسلامي والعربي.

تتميز بتصميمها المعماري الذي يعكس طابع جدة القديم، حيث تتخللها أزقة ضيقة تتيح للزوار الشعور وكأنهم يسيرون في حارات المدينة العتيقة.

ومن المعالم البارزة، متحف عبدالرؤوف خليل، الذي يتكون من عدة مبانٍ مصممة لتعكس فن العمارة الإسلامية والعربية، ويضم 19 وحدة عرض، منها بيت التراث العربي والإسلامي، ومعرض التراث العام. يتميز المتحف بنافوراته المتصلة بجدول مياه، وتسع مآذن تعلوه، مما يجعله تحفة معمارية تستحق الزيارة.

على كورنيش جدة، يقع متحف المجسمات، الذي يُعد أول متحف مفتوح في المدينة، حيث يعرض مجموعة من الأعمال الفنية والهياكل المعمارية الحديثة، مما يجعله نقطة جذب للسياح ومحبي الفنون المعاصرة.

يمتد على مساحة سبعة كيلومترات، ويضم ما يقارب 20 عملًا فنيًا، ما يجعله من أكبر المتاحف المفتوحة على مستوى العالم.

لمحبي الحنين إلى الماضي، يوفر متحف جدة وأيامنا الحلوة تجربة فريدة من نوعها، حيث يعرض مقتنيات تعكس الحياة اليومية لسكان جدة في العقود الماضية، مثل الأثاث التقليدي، والأواني القديمة، والصور الفوتوغرافية التي توثق مشاهد من الأزقة والأسواق الشعبية، مما يجعله محطة لا غنى عنها لكل من يبحث عن استرجاع ذكريات المدينة.

في مجال الفن الحديث، يحتل متحف تيم لاب بلا حدود مكانة خاصة، حيث يُقدم تجربة تفاعلية من خلال أكثر من 80 عملًا فنيًا رقميًا.

يُعد هذا المتحف الأول من نوعه في الشرق الأوسط، ويهدف إلى تعزيز مكانة جدة كمركز عالمي للثقافة والفنون الرقمية، ما يجذب جيلًا جديدًا من الزوار المهتمين بالفن التكنولوجي.

أما متحف قلعة الفنون التراثية، فيُقدم تجربة غنية لعشاق التراث السعودي، حيث يعرض الزي التقليدي، والأدوات المستخدمة في العصور السابقة، فضلًا عن تسجيلات موسيقية وأشرطة نادرة توثق مسيرة الموسيقار طارق عبدالحكيم. يضم المتحف مكتبة غنية بالمراجع التاريخية، تجعله مركزًا ثقافيًا متكاملًا لمحبي البحث والتوثيق.

في متحف الشلبي، يجد الزائر نفسه أمام مشهد حي للأسواق الشعبية القديمة، حيث يضم المتحف طابقًا يحاكي الأسواق الحجازية التقليدية، مع دكاكين صغيرة تعرض حرفًا مثل الحدادة، والنجارة، والطب الشعبي.

يخصص المتحف أيضًا مساحة لعرض الأدوات المنزلية القديمة، والملابس التقليدية، مما يعيد إحياء تفاصيل الحياة اليومية القديمة.

على جانب آخر، يُعد متحف الضيافة شاهدًا على كرم سكان جدة في الماضي، حيث يعرض قطعًا أثرية تعود لأكثر من مائة عام، تشمل العملات السعودية القديمة، وأواني تحضير القهوة، وأدوات تقديم الضيافة التقليدية.

يوفر المتحف تجربة غنية تعكس طبيعة المجتمع الحجازي المضياف، وتحكي قصة العادات والتقاليد التي ظلت متوارثة عبر الأجيال.

أما متحف أحمد عقيلي، فيضم مجموعة من الأسلحة القديمة، والأجهزة الراديوية، والكاميرات، والسيارات الكلاسيكية، مما يجعله مكانًا مثيرًا لهواة جمع التحف النادرة.

تعرض المقتنيات في خزائن زجاجية أو على أرفف خشبية، مما يتيح للزائر استكشاف مختلف جوانب الحياة القديمة بأسلوب منظم وجذاب.

يُكمل متحف الجفيني المشهد الثقافي في جدة، حيث يعرض مجموعة واسعة من العملات والطوابع النادرة، إلى جانب الحلي والأدوات التقليدية.

يحتوي المتحف على صالات مخصصة للأسرة المالكة، تعرض صورًا ووثائق تاريخية، مما يجعله وجهة للباحثين والمهتمين بتاريخ المملكة.

تجمع متاحف جدة بين أصالة الماضي وحداثة الحاضر، حيث تُقدم للزوار تجربة غنية لا تقتصر على استكشاف المقتنيات الأثرية، بل تمتد إلى معايشة أجواء الماضي والتعرف على تفاصيل الحياة القديمة.

مع استمرار دعم هذه المتاحف وتطويرها، تظل جدة وجهة رئيسية لكل من يسعى لفهم التراث السعودي واستكشاف كنوزه التاريخية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى