يناير 2025 يسجل أعلى حرارة في التاريخ ويواصل الاتجاه التصاعدي للمناخ

كشفت بيانات صادرة عن الاتحاد الأوروبي أن شهر يناير 2025 كان الأكثر حرارة على الإطلاق منذ بدء تسجيل درجات الحرارة عالميًا، مما يعكس استمرار الاتجاه التصاعدي لدرجات الحرارة على كوكب الأرض.
وأشارت خدمة “كوبرنيكوس” لتغير المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي، في تقريرها الشهري الصادر اليوم الخميس، إلى أن متوسط درجة الحرارة العالمية في يناير المنصرم تجاوز مستويات ما قبل الثورة الصناعية بفارق 1.75 درجة مئوية، وهو ما يعد مؤشرًا مقلقًا على تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري.
ووفقًا للخبراء، لم يكن هذا الارتفاع في درجات الحرارة مفاجئًا، بل يأتي امتدادًا لسلسلة من الشهور التي شهدت درجات حرارة غير مسبوقة، فخلال الأعوام الأخيرة، أصبحت سجلات درجات الحرارة تسجل أرقامًا قياسية متتالية، مما يثير مخاوف العلماء من أن العالم يقترب بسرعة من نقطة اللاعودة فيما يتعلق بتغير المناخ.
وذكر التقرير أن 18 من أصل 19 شهر يناير الماضية، سجلت متوسطات حرارة تزيد بأكثر من 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، مما يشير إلى اتجاه ثابت نحو مزيد من الاحترار.
ويرى الباحثون أن هذا الارتفاع الحاد في درجات الحرارة يرتبط بعدة عوامل، من بينها استمرار انبعاثات الغازات الدفيئة، وتأثير ظاهرة “إل نينيو”، التي تؤدي إلى تغيرات مناخية واسعة النطاق، خاصة في درجات حرارة المحيطات وأنماط الطقس العالمية.
وتشير التحليلات إلى أن عام 2024 كان بالفعل عامًا شديد الحرارة، لكن البيانات الحديثة تظهر أن 2025 قد يكون عامًا أكثر تطرفًا مناخيًا.
وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من العلماء، لا تزال جهود الحد من الانبعاثات الكربونية تسير بوتيرة بطيئة. ويشير تقرير “كوبرنيكوس” إلى أن التأثيرات المناخية باتت واضحة بشكل متزايد في مختلف أنحاء العالم، حيث شهدت مناطق عديدة موجات حر غير معتادة خلال فصل الشتاء، ما أدى إلى اضطرابات بيئية واسعة، بما في ذلك ذوبان الجليد بمعدلات قياسية، وارتفاع مستوى مياه البحار، وتزايد شدة الظواهر الجوية مثل العواصف والفيضانات.
ويحذر العلماء من أن استمرار ارتفاع درجات الحرارة بمعدلات كهذه قد يؤدي إلى تأثيرات كارثية على البيئة والبشرية، حيث يهدد الإنتاج الزراعي، ويؤثر على مصادر المياه، ويزيد من مخاطر الكوارث الطبيعية، ويؤكدون على ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والحد من اعتماد العالم على الوقود الأحفوري، وذلك من خلال تعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الطاقة، واتخاذ خطوات جادة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
ويشير بعض الخبراء إلى أن الارتفاع المستمر في درجات الحرارة قد يتطلب حلولًا أكثر جذرية، مثل تطوير تقنيات لامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، أو اللجوء إلى أساليب الهندسة الجيولوجية للتحكم في درجات الحرارة العالمية.
ومع ذلك، تبقى هذه الحلول مثار جدل بين العلماء بسبب مخاطرها المحتملة وتأثيراتها غير المتوقعة على النظام البيئي.
وفي ظل هذه التطورات، تزداد المطالبات باتخاذ إجراءات دولية أكثر حزمًا للحد من التغير المناخي، حيث يضغط الناشطون البيئيون والمنظمات الدولية على الحكومات والشركات الكبرى لتسريع التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.
ويبدو أن عام 2025 سيكون عامًا حاسمًا في معركة العالم ضد الاحتباس الحراري، خاصة إذا استمرت درجات الحرارة في تسجيل مستويات قياسية جديدة.