الأخبار

علماء يفسرون عودة السرطان رغم الشفاء الكامل

تكشف دراسات حديثة عن سبب بيولوجي معقد يفسر عودة السرطان لدى بعض المرضى بعد سنوات من إعلان شفائهم، حيث تركز الأبحاث على ظاهرة تُعرف باسم “السرطان النقيلي”، أي هجرة الخلايا السرطانية من موقعها الأصلي إلى أعضاء أخرى داخل الجسم، تمثل هذه الظاهرة السبب الرئيسي لوفاة أكثر من نصف المصابين بالسرطان حول العالم، وفقًا لتقديرات طبية حديثة، ما يعزز الحاجة إلى فهم أعمق لكيفية تنقل هذه الخلايا وتكيفها داخل الجسم.

تشرح آنا جوميز، الباحثة في مركز موفيت لعلاج السرطان بفلوريدا، أن هذه الخلايا تواجه تحديات كبرى عند مغادرتها النسيج الأصلي، حيث تمر ببيئات مختلفة تمامًا قد تؤدي إلى تمزقها أو تدميرها، فعلى سبيل المثال، تعتمد خلايا سرطان الثدي على نوع معين من الأحماض الدهنية، وهي مهيأة للبقاء فقط في نسيج الثدي، وعندما تنتقل إلى الدم، تصطدم بضغط مرتفع وبيئة معادية وغذاء غير مألوف، ومع ذلك، تنجح قلة قليلة من هذه الخلايا في الوصول إلى أعضاء مثل المخ أو العظام، حيث تجد بيئة جديدة قد تعيد تكييف نفسها معها.

تشير جوميز إلى أن بعض الأورام لا تكتفي بإرسال الخلايا السرطانية عبر مجرى الدم، بل تبعث أيضًا إشارات كيميائية عبر جزيئات دهنية ومواد وراثية لتغيير طبيعة الأنسجة المستقبلة، مما يُمهد لها الاستقرار عند وصولها، هذه العملية تُعرف باسم “تهيئة البيئة الثانوية”، وتلعب دورًا كبيرًا في إعادة تنشيط المرض بعد فترات طويلة من السكون.

من جانبه، يرى ماثيو فاندر هايدن، مدير مركز كوخ لأبحاث السرطان في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن أغلب الخلايا السرطانية التي تنفصل عن الورم الأصلي لا تنجو، بل تفنى أثناء رحلتها.

ويصف الانتقال السرطاني بأنه حادث بيولوجي نادر وغير متوقع، لكنه إذا حدث، فقد يؤدي إلى ظهور الأورام في أماكن جديدة أكثر خطرًا من الورم الأصلي، كما في حالات انتشار سرطان البروستاتا إلى العظام.

أما الباحثة باتريشيا مانزانو من مركز علوم الأحياء الجزيئية والطب التجديدي في إسبانيا، فتوضح أن الخلايا القليلة التي تنجح في الهجرة تظهر قدرة عالية على التكيف، وتعدّل خصائصها لتتمكن من النجاة في بيئات مختلفة، حيث تغير بنيتها وتتعلم استغلال الموارد المتاحة في العضو الجديد، مما يزيد من تعقيد مكافحتها.

تسلط هذه النتائج الضوء على أهمية تغيير الاستراتيجيات العلاجية الحالية، لتشمل التركيز على وقف هجرة الخلايا السرطانية ومنع قدرتها على إعادة التكيف داخل الجسم، كما تدعو الأبحاث إلى تطوير علاجات جديدة تستهدف مراحل الانتقال والتكيف، بدلًا من التركيز فقط على تدمير الورم الأساسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى