غير مصنف

الخطوط السورية تعود للتحليق نحو تركيا بعد توقف طويل

استأنفت الخطوط الجوية السورية رحلاتها نحو تركيا بعد توقف دام أكثر من أربعة عشر عامًا، في خطوة اعتُبرت مؤشراً جديداً على بدء مرحلة من الانفتاح التدريجي بين دمشق وأنقرة في مجال الطيران المدني.

وتأتي هذه العودة الرسمية لتسيير الرحلات الجوية بين البلدين ابتداءً من العاشر من يونيو الجاري، بعد أن منحت المديرية العامة للطيران المدني في تركيا الإذن اللازم لتشغيل الخط الجوي، وذلك بعد مشاورات مكثفة بين الجهات المختصة في البلدين في الأسابيع الماضية.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الخطوط الجوية السورية ستبدأ قريباً رحلاتها المنتظمة إلى الأراضي التركية، في الوقت الذي تعتزم فيه شركة “AJet”، التابعة للخطوط الجوية التركية، تسيير رحلات دورية إلى سوريا أيضًا، وهو ما يشير إلى بداية استئناف تدريجي لحركة الطيران التجاري التي توقفت لعقد ونصف نتيجة التوترات السياسية والأمنية التي عصفت بالعلاقات الثنائية طوال تلك الفترة.

ولفت أردوغان إلى أن هذه الخطوة تتماشى مع رؤية تركيا لتطبيع العلاقات الإقليمية ودعم الاستقرار في المنطقة، خاصة مع مؤشرات متزايدة لعودة الشركات والمؤسسات إلى السوق السوري.

ويُنتظر أن تشهد مطارات تركيا، وفي مقدمتها مطار إسطنبول الدولي، حفلًا خاصًا بمناسبة تسيير أول رحلة مباشرة من سوريا إلى تركيا منذ سنوات طويلة، وهو ما وصفه مراقبون بأنه لحظة رمزية تعكس تطورًا جديدًا في ملف العلاقات المدنية بين الجانبين.

كما ذكر موقع “Airport Haber” التركي، المتخصص في شؤون الطيران، أن الخطوط الجوية السورية تعتزم تسيير رحلات يومية إلى المدن التركية، على أن تبدأ تدريجيًا بتوسيع جدول رحلاتها حسب حجم الطلب وظروف التشغيل.

وتعود جذور انقطاع الرحلات بين البلدين إلى الأزمات السياسية الحادة التي بدأت منذ عام 2011، وتسببت في انهيار تام في التعاون بمجالات النقل والطيران.

وتصاعدت الأزمة مؤخرًا عندما أعلنت هيئة الطيران المدني السورية أن شركة “AJet” التركية أوقفت رحلاتها إلى العاصمة دمشق، بسبب إغلاق المجال الجوي التركي أمام الشركات السورية، ورفض منحها تصاريح تشغيلية، وهو ما عمّق من عزلة النقل الجوي بين البلدين، غير أن التطورات الأخيرة، خاصة بعد سقوط النظام السوري السابق في ديسمبر 2024، أسهمت في تهيئة مناخ أكثر مرونة لعودة الروابط الجوية.

ويشير المراقبون إلى أن الخطوة تمثل تحوّلاً مهماً في حركة النقل الجوي في المنطقة، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة انتعاشًا ملحوظًا في نشاط المطارات السورية، وعودة العديد من شركات الطيران الإقليمية لتسيير رحلات مباشرة نحو دمشق، على رأسها شركات من الإمارات، السعودية، والأردن، بالإضافة إلى تركيا التي تعد من الوجهات المحورية للمسافرين السوريين، سواء لأسباب تجارية أو اجتماعية أو طبية.

وباتت الرحلات المنتظمة بين سوريا وهذه الدول تُسير بمعدل لا يقل عن أربع رحلات أسبوعيًا من كل جهة، مما يشير إلى تصاعد تدريجي في الطلب على السفر، لا سيما في ظل تزايد عدد السوريين المقيمين في الخارج والراغبين في زيارة وطنهم، أو رجال الأعمال الذين ينوون استكشاف فرص استثمارية بعد سنوات من الركود.

كما تسعى شركة الطيران السورية إلى توسيع خارطة وجهاتها لتشمل محطات جديدة في أوروبا والشرق الأوسط كانت محظورة طوال السنوات الماضية، بما يعكس تحولًا في البنية التحتية التشغيلية لقطاع الطيران السوري واستعادته لعافيته شيئاً فشيئاً.

ومن المتوقع أن تُفضي هذه العودة إلى تدفقات اقتصادية أكبر من خلال زيادة أعداد المسافرين، سواء للزيارات العائلية أو السياحة أو الأعمال، ما قد يسهم في تنشيط قطاعات حيوية مثل الضيافة والتجارة والخدمات اللوجستية.

ويُعتقد أن هذه العودة لن تكون مجرد قرار تقني يتعلق بتسيير الطائرات، بل خطوة نحو تطبيع تدريجي أوسع بين دولتين كانتا على طرفي النقيض سياسيًا لسنوات طويلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى