وجهات سياحية

اليونان تغيّر خارطتها السياحية بدفعة خليجية آسيوية

تشهد اليونان تحوّلاً نوعياً في قطاعها السياحي، مستفيدة من الارتفاع الكبير في أعداد الزوار القادمين من دول الخليج، لا سيما السعودية، وقطر، والبحرين، والكويت، وعُمان، إلى جانب موجة متصاعدة من السياح الآسيويين القادمين من الصين والهند.

هذا التغيير النوعي في تدفقات السياح لم يؤثر فقط على حجم الإشغال الفندقي، بل قلب مفاهيم الموسم السياحي رأساً على عقب، محولًا البلاد من وجهة موسمية محدودة إلى مركز جذب عالمي يعمل على مدار السنة.

ساهم الزوّار القادمون من دول الخليج، المعروفون بإنفاقهم المرتفع، في تعزيز الطلب على الفنادق الفاخرة وقطاع التجزئة الراقي، ما دعم الاقتصاد السياحي خارج أشهر الذروة التقليدية.

بينما منح الزوار من الصين والهند اليونان زخماً مستداماً بفضل كثافتهم العددية واستمرارية حضورهم، مما أعاد تشكيل الأنماط السياحية المعتادة وفتح المجال أمام تمديد المواسم التشغيلية للفنادق والمطاعم وشركات السياحة.

حققت هذه التحولات قفزة كبيرة في أداء القطاع، إذ لم تعد الأشهر الممتدة من سبتمبر حتى مايو توصف بالفترات الميتة سياحياً، بل أصبحت توازي ذروة الصيف من حيث الإقبال.

يعود ذلك إلى استراتيجية سياحية طموحة تبنّتها اليونان، تركّز على اجتذاب شرائح جديدة من السياح، خاصة من آسيا ومنطقة الخليج العربي، مع تسهيلات أكبر في الرحلات الجوية وتنوع أوسع في العروض السياحية.

الوافدون من دول الخليج، لا سيما السعوديون والقطريون والإماراتيون، باتوا يشكّلون ثقلاً نوعياً في السوق، ليس فقط بأعدادهم بل بقيمتهم الاقتصادية.

وقد شهدت الرحلات المباشرة من السعودية إلى اليونان ارتفاعاً بنسبة 40% لتصل إلى نحو 65 ألف مقعد، بينما زادت الخطوط القادمة من قطر بنسبة 3%، في دلالة واضحة على تنامي الاهتمام باليونان كوجهة مفضلة لهذه الأسواق.

الجزر السياحية مثل ميكونوس وسانتوريني كانت من أوائل المستفيدين من هذا التدفق الجديد، حيث ارتفعت نسبة الرحلات إلى سانتوريني وحدها بنسبة 37%، ما أدى إلى تمديد موسم التشغيل إلى ما بعد سبتمبر، وتحويل هذه الجزر إلى وجهات نشطة حتى أكتوبر، بل حتى على مدار العام في بعض الحالات.

هذا التمديد ساهم في توفير وظائف جديدة، وزيادة دخل المجتمعات المحلية، وتقليل الضغط على البنية التحتية خلال أشهر الصيف الحارة.

ورغم أن الصين والهند تجلبان الأعداد، فإن دول الخليج تقدم القوة الشرائية، ومن خلال هذا المزج بين الكم والنوع، تمكنت اليونان من تحقيق قفزة كمية ونوعية في آن معاً، إذ تشير بيانات حديثة إلى أن عدد المقاعد الجوية القادمة من دول الخليج تجاوز 387 ألف مقعد سنوياً، بزيادة بلغت 5.2% مقارنة بالعام السابق، ما يعكس تصاعداً لافتاً في اهتمام الخليجيين بالسياحة اليونانية.

ولم يقتصر التغيير على الأرقام، بل شمل البنية التحتية نفسها، حيث بدأت وجهات يونانية شهيرة باعتماد نماذج تشغيل موسعة، مع استثمارات واضحة في التوسع الفندقي، والنقل، وتقديم خدمات سياحية متكاملة تلبي متطلبات السياح الخليجيين والآسيويين، وبهذا، تصبح اليونان من أوائل الدول الأوروبية التي تنجح في تنويع قاعدة زوارها، وتكسر النمط التقليدي لمواسم السياحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى