فالنسيا تفتح ذراعيها للسياح بتجارب لا تُنسى

تأخذ مدينة فالنسيا زوّارها في رحلة فريدة بين طيّات التاريخ، وروعة المعمار، وجمال الطبيعة، حيث تتجاور الأزقة القديمة مع الابتكارات الحديثة، وتلتقي التقاليد العريقة بأجواء فنية نابضة بالحياة.
المدينة الإسبانية الساحلية لا تكتفي بعرض معالمها الشهيرة فحسب، بل تقدّم لمحبّي المغامرة والثقافة والفن تجارب استثنائية في أماكن غير متوقعة، ما يجعل منها وجهة متجددة وعميقة لمن يعرف كيف يقرأ ملامحها.
استهلّ زيارتك باستكشاف أحد أكثر المعارض الفنية سرّية في أوروبا، معرض “Gabinete de Dibujos”، المخفي داخل محطة حافلات قديمة تبدو عادية من الخارج، واجهته البيضاء تخفي بين طابقين مجموعة من المعارض المعاصرة الجريئة، ما يمنح الزائرين شعورًا بالاكتشاف وكأنهم يعبرون بوابة زمنية إلى عالم إبداعي متفرّد.
ومن المحطة الفنية السرية، يمكن التوجه نحو معهد فالنسيا للفن الحديث (IVAM)، الذي يحتضن روائع من القرن العشرين، ويُعد مرجعًا مهمًا للفن المعاصر في إسبانيا، يمتد هذا المعهد على مساحة واسعة تضم مكتبة تحتوي على أكثر من 54 ألف وثيقة، متاحة للقراءة المجانية، ما يضفي بعدًا معرفيًا على الزيارة.
ولعشّاق المعمار الحديث، لا بد من زيارة مدينة الفنون والعلوم، التي تُعد أيقونة فالنسية بتصميمها المستقبلي المذهل، هذه المنطقة، التي شُيّدت فوق مجرى نهر قديم، تتيح للزوار التجوّل بحرّية وسط منشآت زجاجية ومائية تحاكي الخيال، وكل ذلك دون دفع أي رسوم دخول.
وفي الطرف الآخر من المدينة، يمكن الاسترخاء وسط رائحة إكليل الجبل والياسمين في حديقة أومبراكلي، حيث تُضفي أكثر من مئة شجرة برتقال ونخيل جوًا من الصفاء والهدوء بعيدًا عن صخب الحياة اليومية.
ومن أبرز المشاهد التقليدية في فالنسيا، تلك التي تجمع السكان كل خميس أمام كاتدرائية المدينة لمتابعة انعقاد “محكمة المياه”، والتي تُعد واحدة من أقدم المحاكم في العالم، يعود تاريخها لأكثر من ألف عام، وعلى الرغم من بساطة الحدث، إلا أنه يحمل بين طياته إرثًا زراعيًا وقانونيًا فريدًا يعكس روح المدينة الأصيلة.
وبالنسبة لمحبّي الموسيقى، تُقدم فالنسيا جرعة فنية راقية من خلال مهرجان Un Lago de Conciertos المجاني، الذي يُقام خلف متحف العلوم، وتحييه فرق موسيقية تنتمي لكلية بيركلي المرموقة.
أما من يبحثون عن البساطة والجمال الطبيعي، فعليه اكتشاف شاطئ دي لا ديفيسا، المحمية الطبيعية المعاد تأهيلها، والتي تمتد على الساحل المحاط بالكثبان الرملية والفراشات. يمكن الوصول إليه بسهولة بالحافلة، ويُعد ملاذًا مثاليًا لمحبي الهدوء والمناظر غير التجارية.
وفي قلب المدينة، مفاجأة أخرى تنتظر الزوار في شارع المتحف، حيث يقع “منزل القطط” الأصغر في العالم، بتفاصيل معمارية مصغّرة تجذب الأنظار وتثير الابتسام، إنه مثال على كيف يمكن لفالنسيا أن تُدهشك بأبسط التفاصيل، وتجعلك تشعر وكأن كل زاوية فيها تخبئ قصة.