وجهات سياحية

سحر الطبيعة في يلوستون الأمريكية في رحلة لا تُنسى لعشاق المغامرة

تجتذب حديقة يلوستون الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية ملايين الزوار سنويًا بفضل ما تقدمه من مشاهد طبيعية مبهرة وتضاريس جيولوجية نادرة، تجعل منها واحدة من أبرز وجهات السفر لمحبي المغامرة والطبيعة حول العالم.

تقع الحديقة في منطقة تمتد عبر ثلاث ولايات أميركية، هي وايومنغ، ومونتانا، وأيداهو، وتُصنّف ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي نظرًا لغناها البيئي وتنوعها الجيولوجي الفريد.

تُدهش يلوستون الزائر منذ لحظة دخوله إليها؛ إذ يمكن رؤية عشرات السخانات الحارة والينابيع الملونة التي تعكس مشاهد تبدو كأنها من كوكب آخر.

ومن بين أبرز هذه المعالم، نبع “جراند بريزماتيك”، الذي يُجسّد ألوان قوس قزح بأناقة طبيعية مذهلة، حيث تتمازج درجات الأحمر والبرتقالي والأزرق والأخضر في مشهد لا يُنسى، هذه الألوان الزاهية هي نتيجة لتكاثر أنواع خاصة من البكتيريا التي تنمو في المياه الحارة الغنية بالمعادن.

يُضاف إلى ذلك نبع “أولد فيثفول” الشهير، الذي ينفجر على فترات منتظمة، ويُعد أحد أكثر المواقع استقطابًا للسياح في الحديقة.

وعلى امتداد الحديقة، تتوزع العديد من المعالم المذهلة، منها شلالات يلوستون العليا والسفلى، التي تتدفق بقوة وسط وادٍ جبلي يبلغ طوله نحو 40 كيلومترًا، وتُعرف هذه المنطقة باسم “غراند كانيون يلوستون”.

تنحدر مياه الشلال السفلي من ارتفاع يناهز 94 مترًا، ما يجعله أعلى بكثير من الشلال العلوي، ويُضفي عليه منظرًا جماليًا يخطف الأنفاس.

توفر المسارات والممرات الخشبية في المنطقة نقاط مراقبة تمنح الزوار فرصة التمتع برؤية بانورامية استثنائية للطبيعة المحيطة.

أما بحيرة يلوستون، فهي أكبر مسطح مائي في المتنزه، وتُعد من أبرز معالمه، تتجمد مياهها الصافية طوال فصل الشتاء، وتحيط بها جبال شاهقة ومروج خضراء، ما يجعلها مكانًا مثاليًا لممارسة أنشطة مثل الصيد وركوب القوارب.

وتبقى درجات حرارة مياهها باردة طوال السنة، مما يجعل السباحة فيها غير ممكنة، لكنها تبقى وجهة ساحرة للراغبين في الاستمتاع بالهدوء والعزلة.

وتضم يلوستون كذلك أحواضاً جيولوجية حرارية مذهلة، مثل “حوض ميدواي جيزر”، الذي يحتضن ينابيع مائية عملاقة مثل “إكسلسيور”، الذي كان في السابق أكبر نبع حار في العالم، ورغم أن هذا النبع أصبح خامداً، إلا أن المنطقة لا تزال نشطة حرارياً، مع انبعاث دائم للبخار والمياه الفيروزية التي تبهر الزوار.

أما “حوض نوريس جيزر”، فيُعدّ الأشد سخونة في المتنزه، ويضم “نبع ستيمبوت”، أكبر نبع حار نشط في العالم، والذي تصل انفجاراته إلى ارتفاعات تتجاوز 90 متراً، وتحدث مرة واحدة سنوياً تقريبًا.

ومن المعالم التي لا يمكن تفويتها كذلك، “ينابيع ماموث الحارة”، الواقعة بالقرب من حصن يلوستون التاريخي، والتي تُعدّ تحفة طبيعية تمثلها مدرجات حجرية بيضاء تُعرف باسم مدرجات الترافرتين، تشكلت بفعل ترسيب الكربونات على مدى آلاف السنين.

يمكن للزوار السير على ممرات خشبية لرؤية هذه الظاهرة الطبيعية عن قرب، وزيارة “شرفة مينيرفا” و”تل أورانج سبرينغ”، وهما من أشهر المواقع ضمن هذا المجمع الحراري.

تعود أهمية حديقة يلوستون إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث سكنتها قبائل السكان الأصليين منذ أكثر من 11 ألف عام، وكانت مصدرًا للصيد والأسماك.

ومع وصول بعثة كوك وفولسون وبيترسون في عام 1869، بدأ الاهتمام الفعلي باستكشاف المنطقة، وسرعان ما أُعلنت كأول حديقة وطنية في العالم عام 1872.

ومع تحسن سبل الوصول والنقل، بدأت الحديقة تجذب الزوار من شتى أنحاء الولايات المتحدة والعالم، حتى أصبحت اليوم محطة سنوية لأكثر من أربعة ملايين سائح.

ويُعدّ حصن يلوستون نقطة تاريخية مهمة، حيث اضطُر الجيش الأمريكي في بدايات القرن العشرين لتولي مسؤولية حماية الحديقة من التعديات البشرية.

ويضم الحصن متحفًا ومركزًا للزوار يعرض تاريخ الحديقة وتطورها، بالإضافة إلى قوس روزفلت الحجري الشهير الذي يزيّن مدخل ينابيع ماموث.

في النهاية، تمثل حديقة يلوستون الوطنية تجربة لا تُضاهى لعشاق الطبيعة، حيث تجمع بين المشاهد البركانية، والينابيع الملونة، والشلالات الخلابة، والتاريخ العريق في لوحةٍ واحدة تنبض بالحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى