أوروبا الشرقية ساحة تنافس تتغير ملامحها بسرعة

تشغل منطقة أوروبا الشرقية مساحة واسعة تتجاوز 3.9 مليون كيلومتر مربع ويعيش داخلها نحو 159 مليون نسمة حيث تجمع هذه المنطقة بين دول البلطيق والدول التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي السابق إلى جانب دول تملك تأثيرًا تاريخيًا ساهم في صياغة الواقع الأوروبي خلال العقود الأخيرة، وساعدت هذه التركيبة المتنوعة على جعل أوروبا الشرقية واحدة من أكثر المناطق حيوية من حيث التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية
تتصدر روسيا المشهد في هذه المنطقة باعتبارها الدولة الأكبر مساحة والأكثر عددًا للسكان وتفرض حضورها بقوة في صياغة الأحداث الدولية والإقليمية في حين تحتل أوكرانيا موقعًا رئيسيًا في المنطقة بسبب حدودها المباشرة مع دول الاتحاد الأوروبي وعلاقتها المعقدة مع روسيا حيث تمثل أوكرانيا حلقة رئيسية في الصراع الجيوسياسي بين الشرق والغرب .
كما تظهر بيلاروسيا كدولة استراتيجية تتموقع بين روسيا والاتحاد الأوروبي وتحتفظ بعلاقات متشابكة مع الطرفين مما يجعلها نقطة توازن حساسة في محيطها الإقليمي
وتسجل دول البلطيق التي تضم إستونيا ولاتفيا وليتوانيا حضورًا فاعلًا في المشهد الأوروبي حيث انضمت هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي وتعمل بشكل مكثف على تعزيز علاقتها مع الدول الغربية، كما تشكل هذه الدول ممرًا اقتصاديًا وجغرافيًا مهما على ساحل بحر البلطيق وتتميز بمواقفها السياسية التي تميل إلى دعم السياسات الأوروبية في مواجهة النفوذ الروسي المستمر في المنطقة
وتظهر مولدوفا كجزء مهم من هذه الخريطة السياسية نظرًا لموقعها بين رومانيا وأوكرانيا حيث تعاني من تحديات اقتصادية وسياسية وتبذل جهودًا كبيرة لتوسيع علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بينما تبقى مرتبطة جغرافيًا وتأريخيًا بروسيا مما يضعها في موقع معقد بين الشرق والغرب، وتمثل أوروبا الشرقية بمجملها مساحة مليئة بالاختلافات الثقافية والسياسية وتضم شعوبًا تتحدث لغات متنوعة وتعيش تحت أنظمة سياسية مختلفة تتفاوت في درجة الانفتاح والتقارب مع الغرب
وتستمر هذه المنطقة في لعب دور رئيسي في رسم ملامح السياسة الدولية حيث تفرض ملفات الأمن والطاقة والاقتصاد نفسها بقوة في العلاقات بين دول أوروبا الشرقية وبقية العالم وتبقى هذه المنطقة محل اهتمام مستمر في ظل التغيرات السريعة التي تعيد تشكيل التحالفات وتغير موازين القوى وتثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين دول الشرق والغرب.