الأخبار

شركات الطيران تواصل بيع تذاكر تتجاوز عدد المقاعد

اتبعت شركات الطيران حول العالم منذ عقود نهجًا تجاريًا مثيرًا للجدل يتمثل في بيع عدد من التذاكر يتجاوز عدد المقاعد الفعلية المتاحة على متن الطائرة، وهي ممارسة تُعرف باسم “الحجز الزائد” أو Overbooking.

وعلى الرغم من أن هذه السياسة قد تبدو غير منصفة من منظور المسافر، إلا أنها تستند إلى حسابات دقيقة وإحصائيات متراكمة تؤكد أن نسبة لا يستهان بها من الركاب الذين يحجزون تذاكرهم لا يظهرون في موعد الرحلة لعدة أسباب، من أبرزها تغيير الخطط، التأخر عن الحضور، أو إلغاء السفر في اللحظات الأخيرة، بل إن بعضهم لا يعود من الرحلة، خاصة إذا كانت تذكرة الذهاب والعودة أقل تكلفة من تذكرة الذهاب فقط.

تهدف شركات الطيران من خلال الحجز الزائد إلى تعويض الخسائر المحتملة الناتجة عن المقاعد الفارغة، وتحقيق أقصى استفادة من رحلاتها، خصوصًا في ظل تكاليف التشغيل المرتفعة وتنافسية السوق، وتعتمد هذه الشركات على خوارزميات معقدة تتنبأ بنسبة الغياب المتوقعة، وتقوم بتسويق عدد محدد من التذاكر الإضافية لتعويض هذا الغياب.

ورغم فعالية هذه الاستراتيجية في ملء الطائرات وتحقيق الاستقرار المالي، إلا أنها قد تتسبب في إرباك بعض المسافرين، لا سيما عند امتلاء الرحلة ووصول عدد من الركاب يفوق القدرة الاستيعابية للطائرة.

تكشف التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة النقل الأمريكية (DOT) وإدارة الطيران الفيدرالية (FAA) أن نحو ستة ملايين مسافر سنويًا يُمنعون من الصعود إلى الطائرات نتيجة الحجز الزائد، ويُعرف هذا النوع من الركاب باسم “الممنوعين من السفر قسرًا”.

وفي مثل هذه الحالات، تلجأ شركات الطيران إلى دعوة متطوعين يتخلون عن مقاعدهم مقابل تعويضات مالية أو امتيازات سفر، وفي حال عدم وجود عدد كافٍ من المتطوعين، يتم اختيار بعض الركاب إجباريًا، ما قد يؤدي إلى ردود فعل سلبية واحتجاجات في بعض الأحيان.

ويزداد الجدل حول هذه الممارسة مع دخول فصل الصيف وارتفاع وتيرة السفر حول العالم، حيث يتوجه الملايين من الركاب نحو وجهات العمل أو الترفيه، ما يجعل الحجز الزائد احتمالًا واقعيًا يجب أن يكون المسافر على دراية به.

وتبذل الجهات التنظيمية، مثل DOT وFAA، جهودًا متواصلة لتنظيم هذه الممارسة، من خلال فرض ضوابط أكثر صرامة وشفافية في الإعلان عن عدد المقاعد المتاحة وإجراءات التعامل مع الركاب المتأثرين.

وتُعد معرفة هذه التفاصيل أمرًا بالغ الأهمية للمسافر العصري، حيث تمنحه القدرة على اتخاذ قرارات أكثر وعيًا، وتفهمًا للآليات التي تعمل بها شركات الطيران، كما تسهم هذه المعرفة في تقليل الإحباط عند مواجهة سيناريو الحجز الزائد، وتدفع باتجاه المطالبة بالحقوق المستحقة وفق القوانين المعمول بها.

وبينما تسعى بعض الشركات إلى تحسين سياستها في هذا الشأن، يبقى التوازن بين الكفاءة التشغيلية ورضا العملاء تحديًا حقيقيًا تواجهه صناعة الطيران العالمية في السنوات القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى