اليونان أرض الأساطير وجزرها تخفي آلاف الكنوز

تُعرف اليونان، أو كما تُسمى رسميًا “الجمهورية الهيلينية”، بأنها مهد الحضارة الغربية وأرض الأساطير الخالدة، التي لا تزال آثارها تحكي قصصًا مدهشة عن الإنسان، والمعمار، والفكر.
وتقع البلاد في الطرف الجنوبي الشرقي من أوروبا، وتبلغ مساحتها نحو 131,957 كيلومترًا مربعًا، وتحدّها اليابسة من ثلاث جهات فيما يطوّقها البحر من الجنوب، ما يجعلها أشبه بشبه جزيرة تغفو بين زرقة المتوسط وإرث التاريخ.
ويدير البلاد نظام جمهوري تتولّى فيه إيكاتيريني ساكيلاروبولو منصب الرئيسة، فيما تُعد اللغة اليونانية اللغة الرسمية للدولة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 10.36 مليون نسمة وفقًا لتقديرات عام 2023.
تبدأ الحكاية من العاصمة أثينا، المدينة التي تحمل اسم إلهة الحكمة والسلام في الميثولوجيا الإغريقية، والتي قُدّمت لها شجرة الزيتون كرمز للمعرفة والازدهار، فاختارها أهل المدينة على هدية الإله بوسيدون.
ومنذ عام 1834 أصبحت أثينا عاصمة البلاد بعد أن كانت نافيليو تؤدي هذا الدور مؤقتًا منذ عام 1829، لحظة إعلان استقلال اليونان عن الاحتلال العثماني.
ولا تزال المدينة اليوم قلب اليونان النابض، بما تحويه من معابد، ومسارح، وساحات شهدت بدايات الديمقراطية والتفكير الفلسفي الذي غيّر مسار التاريخ الإنساني.
لكن اليونان ليست أثينا وحدها، بل هي أرخبيل ضخم يحتوي على أكثر من 6000 جزيرة وجزيرة صغيرة، لا تتجاوز المأهولة منها 200 فقط، ما يعني أن آلاف المواقع البكر ما تزال تنتظر الاكتشاف، بأسرارها ومناظرها الفاتنة.
ومن ميكونوس إلى سانتوريني، ومن كورفو إلى رودوس، تتنوع الجزر بين الجبال، والشواطئ، والمرافئ الهادئة، لتقدم مزيجًا من الهدوء والطبيعة والأسطورة.
وتفخر اليونان بسواحلها التي تُعد من بين الأطول في العالم، إذ تمتد لحوالي 16,000 كيلومتر، ولا يمكن لأي مكان داخل البلاد أن يبتعد أكثر من 137 كيلومترًا عن البحر، ما يخلق علاقة حميمة بين الإنسان والماء، وتنعكس في أسلوب الحياة والمأكولات والأنشطة اليومية.
وتُعد اليونان من كبار منتجي زيت الزيتون عالميًا، إذ تحتضن أكثر من 120 مليون شجرة زيتون، تنتج سنويًا نحو 1.2 مليون طن من الزيت، وتُحاط هذه الأشجار بهالة من القداسة والرمزية، خاصة أن بعضها لا يزال يثمر منذ القرن الثالث عشر.
الثقافة اليونانية تحتفي بالحياة من خلال الرقص، حيث تُمارس أكثر من 4000 رقصة تقليدية في مختلف أنحاء البلاد، وتُعد هذه الرقصات جزءًا حيًا من التراث الشعبي الذي يحمله اليونانيون من جيل إلى جيل، ويظهر في المناسبات، والمهرجانات، والاحتفالات القروية.
وتكمل كرة القدم هذا المشهد الحيوي، حيث لا تزال اليونان تحتفل بإنجازها الكروي الأهم في عام 2004، عندما فاجأت أوروبا والعالم بفوزها ببطولة أمم أوروبا، متجاوزة عمالقة اللعبة بأسلوب دفاعي صارم وروح قتالية ألهمت ملايين المحبين.
بهذا التنوع في الطبيعة، والتاريخ، والثقافة، تبقى اليونان جوهرة متوسطية لا تفقد بريقها، بل تجدد نفسها في كل زاوية، بين معابد العصور القديمة، وشواطئ الجزر الحالمة، وقلوب شعب يحمل الأساطير في وجدانه، والحياة في خطواته اليومية.