معرض المخطوطات السعودي.. رحلة عبر 1200 عام من التراث الثقافي
يُعد معرض المخطوطات السعودي في الرياض، الذي تنظمه هيئة المكتبات تحت شعار “حكايات تروى لإرث يبقى”، بمثابة نافذة حية على إرث إنساني يمتد لأكثر من 1200 عام، مقدماً صورة مُبهرة عن التزام المملكة بحفظ التراث الثقافي وتعزيز الحوار الحضاري بين الأمم.
من خلال هذا المعرض، تسلط المملكة الضوء على تاريخها الثقافي العريق، مبرزةً دورها الفاعل في حفظ التراث العالمي والتفاعل مع المؤسسات الدولية المتخصصة.
رحلة عبر الزمن
يتناول المعرض الذي يقام في قلب الرياض، الأثر العميق للمخطوطات التاريخية في ثقافات العالم، ويجمع أكثر من 2000 مخطوطة نادرة وفريدة من نوعها.
من أبرز هذه المخطوطات “ديوان الأحنف العكبري”، الذي يزيد عمره عن 800 عام، و”عنوان المجد في تاريخ نجد”، الذي يروي أحداثًا بارزة من تاريخ الجزيرة العربية الثقافي والفكري.
ويعرض المعرض أيضًا نسخًا من المصحف الشريف يعود تاريخها إلى أكثر من 1200 عام، بالإضافة إلى العديد من المخطوطات العلمية والطبية والفلكية التي كانت تُستخدم في الدولة السعودية الأولى.
كما يتيح المعرض للزوار فرصة الاطلاع على العديد من المخطوطات القيمة التي تناولت مواضيع متنوعة تشمل التاريخ والجغرافيا والعلوم، والتي تحمل بين صفحاتها قصصًا تُرسي أُسسًا معرفية لحياة المجتمع العربي في عصور مختلفة.
هذه المخطوطات لا تقتصر على كونها وثائق تاريخية، بل هي شهادات حية على التقدم العلمي والثقافي الذي شهدته المنطقة في مراحل مختلفة من تاريخها.
إلى جانب الاستعراض المادي للمخطوطات، يقدم المعرض أيضًا منصة حوارية تفاعلية تضم 22 ورشة عمل و30 جلسة نقاشية، والتي تركز على أحدث الأساليب والتقنيات في مجال حفظ وترميم المخطوطات.
تتيح هذه الورش للباحثين والمتخصصين من مختلف أنحاء العالم فرصة مناقشة كيفية الحفاظ على هذه الكنوز التراثية القيمة، مع استعراض التقنيات الحديثة التي تستخدمها المملكة في الحفاظ على المخطوطات التاريخية وحمايتها من التدهور.
وقد أظهرت الهيئة السعودية للمكتبات حرصها على استخدام أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا لخدمة المخطوطات، وذلك عبر تطبيق تقنيات متطورة في حفظ المخطوطات وترميمها بما يحافظ على تفاصيلها الدقيقة ويضمن استمرارية وصول الأجيال القادمة إلى هذه المصادر التاريخية، يعكس هذا التوجه التزام المملكة بحماية موروثها الثقافي وضمان استدامته.
يعتبر المعرض حدثًا مهمًا في سياق جهود المملكة الرامية إلى تعزيز الوعي الثقافي بأهمية التراث المكتوب والمخطوط، ويعد خطوة أخرى نحو تسليط الضوء على الدور الريادي الذي تلعبه المملكة في مجال حماية وحفظ التراث الثقافي.
وقد أتاح المعرض فرصة للتفاعل بين الزوار والباحثين والمختصين في التراث، حيث تم طرح مواضيع مهمة عن التراث الثقافي غير المادي وأهمية المخطوطات في نقل معارف الأجداد إلى الأجيال الحديثة.
كما يشكل المعرض فرصة لتعزيز التعاون بين المملكة والمؤسسات الدولية المتخصصة في الحفاظ على التراث الثقافي، مما يعكس التزام المملكة بإرساء أسس التعاون الدولي في مجالات الثقافة والفنون، في الوقت نفسه، يسهم المعرض في ترسيخ مكانة المملكة كداعم رئيسي للتراث الثقافي في المنطقة والعالم.
يعتبر “معرض المخطوطات السعودي” أكثر من مجرد عرض للمقتنيات القديمة؛ إنه تجربة تعليمية وثقافية فريدة تتيح للزوار من جميع أنحاء العالم الاطلاع على جزء مهم من تاريخ المنطقة وحضارتها.
ومن خلال هذا المعرض، يربط الزوار بين الماضي والحاضر بأسلوب يعكس التقاليد السعودية العريقة ويستشرف المستقبل، مما يعزز الوعي بأهمية التراث الثقافي كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية.