سورينام الصغيرة المساحة الغنية بالتنوع البيئي والثقافي

تربعت دولة سورينام، الواقعة في أقصى الشمال الشرقي من قارة أمريكا الجنوبية، على عرش أصغر الدول في القارة من حيث المساحة، إلا أنها في الوقت نفسه تفيض بالتنوع الثقافي والبيئي الذي يمنحها طابعًا فريدًا بين جيرانها الأكبر مساحةً.
وتمثل سورينام نموذجًا فريدًا للتعايش بين الأعراق والثقافات، حيث تضم في نسيجها المجتمعي شعوبًا من أصول هندية وأفريقية وجاوية وأوروبية وأمريكية أصلية، ما يمنحها هوية متعددة الأوجه وثراءً حضاريًا نادرًا.
بلغت مساحة سورينام حوالي 163,820 كيلومترًا مربعًا، لتسجّل بذلك أقل مساحة بين جميع دول قارة أمريكا الجنوبية، مقارنة بدول مثل أوروغواي التي تحتل المرتبة الثانية من حيث الصغر بمساحة تبلغ 176,215 كيلومترًا مربعًا، في حين تتربع البرازيل على رأس القائمة بمساحة تتجاوز 8 ملايين كيلومتر مربع.
وعلى الرغم من هذا الفرق الشاسع في الامتداد الجغرافي، فإن سورينام تُعرف ببيئة طبيعية فريدة، حيث تغطي الغابات المطيرة أكثر من 90٪ من أراضيها، ما يجعلها من أغنى الدول في العالم من حيث التنوع البيولوجي.
تقع العاصمة باراماريبو على ضفاف نهر سورينام، وتعد المركز السياسي والاقتصادي والثقافي للبلاد، كما تتميز بطراز معماري يجمع بين النمط الهولندي الاستعماري واللمسات المحلية، وهي مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
وتحمل العاصمة، كما هو حال بقية البلاد، آثار الاستعمار الهولندي الذي استمر حتى عام 1975، وهو العام الذي أعلنت فيه سورينام استقلالها عن مملكة هولندا، لتصبح دولة ذات سيادة تحتفظ بلغة مستعمرها السابق كلغة رسمية، في حالة نادرة على مستوى أمريكا الجنوبية.
وتفرد سورينام لا يقتصر على اللغة الرسمية الهولندية التي تميّزها عن سائر دول القارة، بل يشمل أيضًا منظومتها الاجتماعية المتنوعة التي تتجلى في التقاليد والطقوس والمهرجانات والمطبخ المحلي الذي يمزج بين تأثيرات آسيوية وأفريقية وأوروبية في آنٍ واحد.
كما تسود البلاد ديانات متعددة، من بينها الإسلام والهندوسية والمسيحية والديانات التقليدية، وكلها تتعايش في مناخ من التسامح والانفتاح المجتمعي الذي يعكس روح التنوع.
رغم التحديات التي تواجهها سورينام كدولة صغيرة من حيث عدد السكان، والذي يُقدّر بنحو 615 ألف نسمة، فإنها تسعى جاهدة إلى استثمار مواردها الطبيعية، لا سيما تلك المتعلقة بالغابات والمياه العذبة والمعادن، كما تولي أهمية متزايدة لحماية بيئتها من خلال سياسات تستهدف الحفاظ على الغطاء النباتي والتنوع الحيوي، ما يضعها في مقدمة الدول التي تناضل من أجل مستقبل بيئي مستدام.
وتطمح الحكومة إلى جعل سورينام وجهة سياحية طبيعية وثقافية، مستفيدة من جاذبيتها كدولة تحمل بصمة آسرة في تفاصيلها، رغم صغر مساحتها على الخريطة.