طيران

مدرج يطفو فوق البحر في مطار إيطالي فريد

يُجسد مطار كريستوفورو كولومبو في مدينة جنوى الإيطالية واحدة من أجرأ التجارب الهندسية المعاصرة، حيث صُمم ليحلق فعليًا فوق سطح البحر، على الساحل الخلاب لمنطقة ليغوريا شمال غرب إيطاليا.

وقد دعت الحاجة الجغرافية إلى هذا التصميم الاستثنائي، نظرًا لمحدودية المساحات المتوفرة على اليابسة، خاصة في مدينة تتسم بتضاريسها الجبلية وكثافتها السكانية العالية، ما جعل البحر الخيار الوحيد لبناء المطار، فتم تشييد مدرجه على منصة صناعية متقنة البناء تمتد فوق مياه البحر الليغوري، ليبدو وكأن الطائرات تقلع وتهبط فوق صفحة الماء، في مشهد يخطف الأنفاس.

يمتد المدرج لمسافة تقارب 2900 متر، ويقوم على أعمدة ضخمة ومثبتة بعناية في قاع البحر، مما يمنحه صلابة عالية تُمكّنه من مقاومة التغيرات المناخية والتحديات الجوية البحرية القاسية.

ويُعد هذا المطار نقطة التقاء فريدة بين البر والبحر، إذ يقع على مرمى حجر من ميناء جنوى الصناعي الذي يُعد من أكثر موانئ البحر المتوسط نشاطًا، ما يجعل من المطار مركزًا حيويًا لحركة الشحن والمسافرين على حد سواء، ويساهم في دعم حركة التجارة والربط اللوجستي في شمال إيطاليا.

ويحظى المسافرون عبر مطار كريستوفورو كولومبو بتجربة استثنائية قلّما تتكرر، إذ يصاحبهم مشهد البحر المفتوح من جهة، والميناء النابض بالحياة من جهة أخرى، بينما تلوح خلفهم الجبال والمدن الساحلية، لتخلق لوحة بصرية آسرة منذ لحظة الإقلاع وحتى الهبوط.

وتُعد هذه التجربة بحد ذاتها عنصر جذب سياحي للمدينة، إلى جانب كون المطار نموذجًا وظيفيًا يستعرض كيف يمكن للهندسة المدنية أن تقدم حلولًا مبتكرة تتجاوز العقبات الجغرافية التقليدية.

وبفضل هذه المواصفات التقنية والهندسية المتميزة، أصبح مطار جنوى رمزًا للهندسة الإيطالية المعاصرة، حيث يعكس مزيجًا من الإبداع، والتخطيط العمراني الذكي، والقدرة على استغلال الموارد الطبيعية بطريقة تحافظ على الجمال البيئي وتخدم في الوقت ذاته متطلبات النقل والمواصلات الحديثة.

وقد ساهم هذا المشروع الطموح في رفع كفاءة البنية التحتية في المدينة الساحلية، وربطها بشكل أكثر فاعلية ببقية المدن الإيطالية والأوروبية، مما جعله من أبرز مطارات إيطاليا رغم صغر حجمه النسبي مقارنة بالمطارات الدولية الكبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى