خليج هالونج الفيتنامي متحف طبيعي بين البحر والجبال

يُعد خليج هالونج في شمال شرق فيتنام واحدًا من أجمل المواقع الطبيعية في آسيا والعالم، وهو بمثابة متحف مفتوح يكشف روعة التكوينات الجغرافية والمشاهد الطبيعية التي تشبه اللوحات الأسطورية.
يستقطب هذا الخليج آلاف الزوار سنويًا بفضل تنوعه الجغرافي الفريد وتاريخه الجيولوجي العريق، حيث يضم أكثر من 1969 جزيرة تشكّلت على مدى مئات الملايين من السنين نتيجة لحركات الرفع والانخفاض في الطبقات الأرضية، لتكوّن مشهدًا مذهلًا من الصخور الجيرية التي تتناثر فوق المياه الصافية مثل قطع الفسيفساء.
يقع الخليج ضمن نطاق محافظة كوان نينه، ويمتد على مساحة تقارب 1553 كيلومترًا مربعًا، وتحيط به تضاريس ساحلية متنوعة، إذ يحده حي كات با من الجنوب، فيما تمتد سواحله البرية لمسافة تصل إلى 120 كيلومترًا.
ويتسم الخليج بنظام بيئي غني ومتنوع، إذ تم رصد أكثر من 347 نوعًا نباتيًا تنتمي إلى 232 فصيلة من 95 مجموعة، من بينها 16 نوعًا مهددًا بالانقراض، إلى جانب 95 نوعًا تُستخدم في صناعة الأدوية والعلاجات، و37 نوعًا لأغراض التزيين، و13 نوعًا بثمار صالحة للأكل، مما يعكس ثراء التنوع البيولوجي في المنطقة.
تتنوّع وسائل الوصول إلى خليج هالونج من العاصمة الفيتنامية هانوي، وتلائم مختلف الأذواق والميزانيات، فمن الممكن السفر بالطائرة، أو الحافلات العامة والسياحية، أو عبر الدراجات النارية لمحبي المغامرة، بالإضافة إلى القطارات التي توفّر مشاهد بانورامية للمناطق الريفية والجبال الفيتنامية.
كما توجد خيارات أكثر تميزًا كالمروحيات والطائرات المائية التي تختصر وقت الرحلة إلى أقل من ساعة، وتمنح الركاب تجربة بصرية لا تُنسى وهم يشاهدون الخليج من الجو.
ويُعرف الخليج بنظام الكهوف المذهلة الذي يتوزع في أنحاء الجزر، ومن أشهرها كهف “سونغ سوت” الذي يُعد الأكبر والأوسع، ويحتوي على تكوينات صخرية مدهشة تشكّلت عبر العصور، وكذلك كهف “الجنة” الذي يشتهر بمناظره الخيالية وتفاصيله الدقيقة التي تبدو كأنها منحوتة يدويًا.
ولا تقل الجزر سحرًا عن الكهوف، مثل جزيرة “تي توب” التي تتيح للسياح السباحة والاستجمام في مياه نظيفة تشفّ عن شعاب مرجانية ملونة وأسماك وكائنات بحرية متنوعة، مما يجعلها وجهة مثالية لعشاق الغوص والطبيعة.
ورغم تكاليف السياحة المعتدلة نسبيًا مقارنة بجمال الموقع، فإن خليج هالونج يوفر خدمات سياحية متكاملة تشمل الرحلات البحرية، والإقامة العائمة، والأنشطة الترفيهية، ما يجعله وجهة متكاملة تُلبي طموحات الزوار من مختلف أنحاء العالم.
لقد تمكّن هذا الخليج من تجاوز حدود الجغرافيا ليرسّخ مكانته كواحد من عجائب الطبيعة، حيث تتعانق الجبال مع البحر في مشهد يصعب نسيانه.