بنزرت التونسية وجهة صيفية تتفوّق على التوقعات

تستقطب مدينة بنزرت التونسية في كل موسم صيفي أعدادًا متزايدة من الزوار، لتثبت عامًا بعد آخر أنها ليست مجرد مدينة ساحلية تقليدية، بل واحدة من أجمل الوجهات السياحية الداخلية في البلاد، بفضل ما تتميز به من شواطئ نظيفة وطبيعة خلابة وتكلفة سياحية تنافسية تجعلها ملاذًا مثاليًا للتونسيين والجزائريين الباحثين عن الاستجمام والراحة بعيدًا عن الزحام والتكلفة المرتفعة.
تقع بنزرت على بعد نحو 65 كيلومترًا من العاصمة تونس، وتُعد أقصى نقطة شمالية في قارة أفريقيا، وتُعرف بجمالها الطبيعي وتنوّع تضاريسها، إذ تجمع بين البحر، والتلال، والغابات، في مزيج فريد يجعل منها لوحة متكاملة من ألوان الطبيعة.
تضم بنزرت مجموعة من الشواطئ التي بدأت تحظى بشهرة كبيرة في السنوات الأخيرة، مثل “رفراف”، و”غار الملح”، و”كاب زبيب”، و”رأس إنجلة”، و”سيدي مشرق”، و”سيدي علي المكي”، و”كاف عباد”، و”سيدي سالم”، وغيرها من الشواطئ التي ظلّت لسنوات وجهات سرية لعشاق الطبيعة، قبل أن تتحول اليوم إلى قبلة مفضلة للأسر التونسية والزوار القادمين من الجزائر، خاصة في ظل التراجع البيئي الذي تعانيه الشواطئ القريبة من العاصمة بسبب التلوث الصناعي.
هذه الشواطئ، بما تتمتع به من نقاء المياه ورمال بيضاء ناعمة، أصبحت رمزًا للسياحة النظيفة التي تبحث عنها العائلات، وتوفر تجارب هادئة بعيدة عن صخب المدن الكبرى.
وتُعرف بنزرت بميناءاتها المتعددة التي تمنحها طابعًا بحريًا خاصًا، حيث تحتضن ميناء ترفيهيًا لليخوت الصغيرة يُعرف بالمطعم البحري، وميناءً للصيد، وآخر تجاريًا، إلى جانب المقاهي والمطاعم المتناثرة على الشاطئ التي تعزز من تجربة الزائر، وتمنحه أجواء تُشبه في كثير من تفاصيلها المنتجعات العالمية، حتى لُقّبت بعض شواطئها بـ”مالديف تونس”.
ويزداد الإقبال على بنزرت بفضل تنوّع خيارات السكن فيها، حيث يمكن للسائح الاختيار بين الفيلات الفاخرة أو الشقق الصغيرة المفروشة، ما يجعل الإقامة فيها مناسبة لكافة الميزانيات، على عكس بعض المدن السياحية الأخرى التي تعتمد على النزل الفخمة والمكلفة.
وأكد خبراء السياحة والاقتصاد في تونس أن بنزرت تشهد تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدعومًا بالاهتمام الحكومي بتعزيز السياحة الداخلية، إلى جانب الزيادة الكبيرة في عدد السياح الجزائريين الذين بلغ عددهم قبل جائحة كورونا نحو 2.8 مليون زائر سنويًا.
وتُعد المنطقة الشرقية من الجزائر السوق الأكبر للسياحة التونسية، نظرًا للقرب الجغرافي، والأسعار التنافسية التي تقدمها تونس، إلى جانب صعوبة السفر إلى أوروبا وارتفاع أسعار الرحلات نحو بعض الوجهات الآسيوية، مما جعل بنزرت ومدن أخرى مثل طبرقة وسوسة والحمامات ونابل وجهات مفضلة ومضمونة.
وتسعى تونس خلال صيف 2023 إلى استعادة أرقام ما قبل الجائحة، مستهدفة جذب أكثر من 9 ملايين سائح، معتمدة على بنية تحتية تشمل 840 نزلاً، و220 ألف سرير، وأكثر من 1100 وكالة سفر و357 مطعمًا سياحيًا.
كما يشغّل هذا القطاع نحو 600 ألف عامل، ويُمثّل مصدر عيش لما يقارب 2.8 مليون نسمة، ما يؤكد الأهمية الاقتصادية الكبيرة للسياحة، ويجعل من المدن الساحلية وعلى رأسها بنزرت ركيزة محورية في مستقبل السياحة الوطنية.