العراقيون وضعوا الأساس لصناعة الكعك والكيك منذ العصور القديمة

تعود أصول الكعك والكيك إلى العراق القديم، حيث كان سكان وادي الرافدين أول من ابتكر هذه الحلويات واستخدمها في طقوسهم الدينية والاجتماعية.
تشير الأدلة الأثرية إلى أن الكعك، الذي كان يُعرف في اللغة الأكدية باسم “كعاتو”، كان جزءًا أساسيًا من العادات السومرية والبابلية والأشورية، وكان يُقدم في المعابد كقرابين للآلهة، الكلمة الحديثة “كيك” (cake) مشتقة من المصطلح الأكدية، ما يوضح التأثير العميق لهذه الحضارة في المطبخ العالمي.
في مدينة أوروك، إحدى أعظم المدن السومرية، كان الكيك يُعد بانتظام ضمن الطقوس الدينية. كشفت النصوص القديمة عن تسجيلات توضح تقديم أكثر من 12,000 قطعة كعك خلال هذه الطقوس، ما يعكس مدى أهميته في الممارسات الدينية آنذاك، لم يكن استخدام الكعك مقتصرًا على الطقوس، بل كان جزءًا من الحياة اليومية، حيث كان سكان وادي الرافدين يصنعون مجموعة متنوعة من الخبز والمعجنات.
تشير السجلات الأثرية إلى أن العراقيين القدماء كانوا أول من اكتشف عملية التخمير، ما ساهم في تطوير صناعة الخبز والفطائر، وجد الباحثون أدلة على أن سكان بلاد ما بين النهرين صنعوا أكثر من 300 نوع مختلف من الخبز، سواء كان مختمرًا أو غير مختمر، وهو ما يظهر تنوع تقنيات الطهي المستخدمة لديهم.
لم تكن صناعة الحلويات مقتصرة على الكعك فقط، بل امتدت إلى أصناف أخرى مثل “الكليجة”، التي تعد من أقدم الحلويات العراقية، يُعتقد أن أصل الكليجة يعود إلى الحضارة السومرية، حيث استمرت صناعتها في العصور البابلية والأشورية.
اعتمدت هذه الحلويات على مكونات بسيطة مثل الطحين والتمر والمكسرات، وكانت تُستهلك خلال الأعياد والمناسبات الخاصة، ما يعكس استمرارية تقاليد الطهي في العراق عبر العصور.
المصادر التاريخية تؤكد وجود هذه التفاصيل في نقوش وكتابات قديمة، من بينها لوح أثري محفوظ في المتحف البريطاني في لندن.
الباحثون في تاريخ الطهي يرون أن التطورات التي شهدها العراق القديم في مجال صناعة الخبز والحلويات كانت الأساس الذي بنيت عليه تقنيات الطهي الحديثة، ما يجعل المطبخ العراقي من أقدم وأهم المطابخ في العالم.
الكتاب “الطبخ في الحضارات القديمة”، لمؤلفته كاثي كوفمان، يعرض بالتفصيل تاريخ الأطعمة التي ابتكرتها الشعوب القديمة، حيث تبرز حضارة وادي الرافدين كمصدر رئيسي للعديد من الأطعمة التي أصبحت فيما بعد جزءًا من المطبخ العالمي، هذا الإرث الغذائي يوضح كيف أن العراق لم يكن فقط مهدًا للحضارات، بل كان أيضًا مركزًا للابتكار في فنون الطهي.