“صوت التناغم”.. رحلة غير مرئية تكشف أسرار موسيقية عابرة للزمن والحدود
تنطلق فعاليات المعرض الجديد في المتحف الوطني بالرياض لتفتح أمام الزوار نافذة مختلفة على الموسيقى الصينية القديمة، حيث جاء تنظيم الحدث تحت شعار “صوت التناغم: رحلة عبر الموسيقى الصينية القديمة”، ليكشف تفاصيل ممتدة لآلاف السنين من تاريخ الآلات والممارسات الموسيقية، ويعرض أكثر من مئة قطعة أثرية نادرة تشمل نايات من العظام وأجراس برونزية وقطعاً أخرى ارتبطت بالطقوس الاجتماعية والروحانية.
يعرض القائمون على الفعالية خمسة أقسام رئيسية تعكس محطات بارزة في تاريخ الموسيقى الصينية، وهي “التناغم مع السماء والأرض”، و”أصداء من الحجر والبرونز”، و”أنغام متبادلة بين المناطق والغرباء”، و”تحية للتراث الموسيقي الصيني”، و”الجبال والمياه والريح في الغابة”، حيث يتيح كل قسم للزوار فرصة التعمق في فلسفة الصينيين تجاه الموسيقى باعتبارها وسيلة للارتباط بالطبيعة ولإيجاد انسجام بين الإنسان والكون.
يستعرض المعرض أيضاً جانباً من البعد الاجتماعي الذي حملته الموسيقى في الحضارة الصينية القديمة، فقد ارتبطت بالاحتفالات والمناسبات الرسمية وبالأعراف والطقوس، كما كانت وسيلة للتواصل بين الشعوب عبر التبادل الثقافي، مما جعلها جزءاً من التاريخ الإنساني المشترك، ولذلك لا يقتصر العرض على تقديم الآلات فقط بل يتضمن شروحات ومواد توضح دور الموسيقى في الحياة اليومية والسياسية عبر العصور.
يبرز المعرض رؤية متكاملة حول الأبعاد الفلسفية للموسيقى في الفكر الصيني، حيث ينظر إليها كوسيلة للتأمل العميق وإدراك القيم الإنسانية، ويعكس ذلك في تصاميم الأجنحة التي تربط بين العناصر الطبيعية والآلات الموسيقية، في محاولة لتوضيح كيف ساهمت الألحان في تعزيز التناغم الروحي والاجتماعي، وهو ما جعل الموسيقى لغة عالمية تخاطب الإنسان أينما كان.
يستقطب الحدث اهتمام جمهور واسع في الرياض خاصة مع الاهتمام المتزايد بالأنشطة الثقافية التي تعزز التبادل الحضاري بين المملكة والدول الأخرى، ويأتي المعرض ليضيف إلى سجل الفعاليات العالمية التي تحتضنها العاصمة، ويمنح الزوار تجربة تفاعلية تثري معرفتهم بتاريخ حضارة عريقة تركت بصمتها في مسيرة الفن الإنساني، وهو ما يعكس دور المتحف الوطني في إبراز التلاقي الثقافي وتوسيع مساحة المعرفة التاريخية لدى الجمهور المحلي والدولي.
